المقام الثالث في عدم جواز الاقتصار على المرجحات المنصوصة.
فنقول: اعلم أن حاصل ما يستفاد من مجموع الأخبار - بعد الفراغ عن تقديم الجمع المقبول على الطرح، وبعد ما ذكرنا من أن الترجيح بالأعدلية وأخواتها إنما هو بين الحكمين مع قطع النظر عن ملاحظة مستندهما -: هو أن الترجيح أولا بالشهرة والشذوذ، ثم بالأعدلية والأوثقية، ثم بمخالفة العامة، ثم بمخالفة ميل الحكام.
وأما الترجيح بموافقة الكتاب والسنة فهو من باب اعتضاد أحد الخبرين بدليل قطعي الصدور، ولا إشكال في وجوب الأخذ به، وكذا الترجيح بموافقة الأصل.
ولأجل ما ذكر لم يذكر ثقة الإسلام، رضوان الله عليه، في مقام الترجيح - في ديباجة الكافي - سوى ما ذكر، فقال:
اعلم يا أخي - أرشدك الله - أنه لا يسع أحدا تمييز شئ مما اختلف الرواية فيه من العلماء (عليهم السلام) برأيه، إلا على ما أطلقه العالم (عليه السلام) بقوله: " اعرضوهما (1) على كتاب الله، فما وافق كتاب الله عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله عز وجل فردوه "، وقوله (عليه السلام): " دعوا ما وافق القوم، فإن الرشد في خلافهم "، وقوله (عليه السلام): " خذوا بالمجمع عليه، فإن المجمع عليه لا ريب فيه ". ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى