أصدقية الراوي وأورعيته لا يوجب ذلك، ما لم ينضم إليهما الأفقهية.
هذا، ولكن الرواية مطلقة، فتشمل الخبر المشهور روايته بين الأصحاب حتى بين من هو أفقه من هذا المتفرد برواية الشاذ، وإن كان هو أفقه من صاحبه المرضي بحكومته. مع أن أفقهية الحاكم بإحدى الروايتين لا تستلزم أفقهية جميع رواتها، فقد يكون من عداه مفضولا بالنسبة إلى رواة الأخرى، إلا أن ينزل الرواية على غير هاتين الصورتين.
وبالجملة: فهذا الإشكال (1) أيضا لا يقدح في ظهور الرواية بل صراحتها في وجوب الترجيح بصفات الراوي، وبالشهرة من حيث الرواية، وبموافقة الكتاب والسنة (2)، ومخالفة العامة.
نعم، المذكور في الرواية الترجيح باجتماع صفات الراوي من العدالة والفقاهة والصداقة والورع.
لكن الظاهر إرادة بيان جواز الترجيح بكل منها، ولذا (3) لم يسأل الراوي عن صورة وجود بعض الصفات دون بعض، أو تعارض الصفات بعضها مع بعض، بل ذكر في السؤال أنهما معا عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه، فقد فهم أن الترجيح بمطلق التفاضل.
وكذا يوجه الجمع بين موافقة الكتاب والسنة ومخالفة العامة، مع كفاية واحدة منها إجماعا.