ادعى بعضهم (1) ظهور الإجماع وعدم ظهور الخلاف على وجوب العمل بالراجح من الدليلين، بعد أن حكى الإجماع عليه عن جماعة.
وكيف كان، فما يمكن استفادة هذا المطلب منه فقرات من الروايات:
منها: الترجيح بالأصدقية في المقبولة وبالأوثقية في المرفوعة، فإن اعتبار هاتين الصفتين ليس إلا لترجيح الأقرب إلى مطابقة الواقع - في نظر الناظر في المتعارضين - من حيث إنه أقرب، من غير مدخلية خصوصية سبب، وليستا كالأعدلية والأفقهية تحتملان اعتبار الأقربية الحاصلة من السبب الخاص.
وحينئذ، فنقول: إذا كان أحد الراويين أضبط من الآخر أو أعرف بنقل الحديث بالمعنى أو شبه ذلك، فيكون أصدق وأوثق من الراوي الآخر، ونتعدى من صفات الراوي المرجحة (2) إلى صفات الرواية الموجبة لأقربية صدورها، لأن أصدقية الراوي وأوثقيته لم تعتبر في الراوي إلا من حيث حصول صفة الصدق والوثاقة في الرواية، فإذا كان أحد الخبرين منقولا باللفظ والآخر منقولا بالمعنى كان الأول أقرب إلى الصدق وأولى بالوثوق.
ويؤيد ما ذكرنا: أن الراوي بعد سماع الترجيح بمجموع الصفات لم يسأل عن صورة وجود بعضها وتخالفها في الراويين (3)، وإنما سأل عن