الترجيح في مستنديهما، وأمره بالاجتهاد والعمل في الواقعة على طبق الراجح من الخبرين مع إلغاء حكومة الحكمين كليهما، فأول المرجحات الخبرية هي الشهرة بين الأصحاب فينطبق على المرفوعة.
نعم قد يورد على هذا الوجه: أن اللازم على قواعد الفقهاء الرجوع مع تساوي الحاكمين إلى اختيار المدعي.
ويمكن التفصي عنه: بمنع جريان هذا الحكم في قاضي التحكيم.
وكيف كان، فهذا التوجيه غير بعيد.
الثاني: أن الحديث الثامن - وهي رواية الاحتجاج عن سماعة - يدل على وجوب التوقف أولا، ثم مع عدم إمكانه يرجع إلى الترجيح بموافقة العامة ومخالفتهم، وأخبار التوقف - على ما عرفت وستعرف (1) - محمولة على صورة التمكن من العلم، فتدل الرواية على أن الترجيح بمخالفة العامة - بل غيرها من المرجحات - إنما يرجع إليها بعد العجز عن تحصيل العلم في الواقعة بالرجوع إلى الإمام (عليه السلام)، كما ذهب إليه بعض (2).
وهذا خلاف ظاهر الأخبار الآمرة بالرجوع إلى المرجحات ابتداء بقول مطلق - بل بعضها صريح في ذلك - حتى مع التمكن من العلم، كالمقبولة الآمرة بالرجوع إلى المرجحات ثم بالإرجاء حتى يلقى الإمام (عليه السلام)، فيكون وجوب الرجوع إلى الإمام بعد فقد المرجحات.