أن كلا منهما واجب العمل لولا المانع الشرعي - وهو وجوب العمل بالآخر -، إذ لا نعني بالمتعارضين إلا ما كان كذلك، وأما ما كان وجود أحدهما مانعا عن وجوب العمل بالآخر فهو خارج عن موضوع التعارض، لأن الأمارة الممنوعة لا وجوب للعمل بها، والأمارة المانعة إن كانت واجبة العمل تعين العمل بها لسلامتها عن معارضة الأخرى، فهي بوجودها تمنع وجوب العمل بتلك، وتلك لا تمنع وجوب العمل بهذه، لا بوجودها ولا بوجوبها، فافهم.
والغرض من هذا التطويل حسم مادة الشبهة التي توهمها بعضهم (1): من أن القدر المتيقن من أدلة الأمارات التي ليس لها عموم لفظي هو حجيتها مع الخلو عن المعارض.
وحيث اتضح عدم الفرق في المقام بين كون أدلة الأمارات من العمومات أو من قبيل الإجماع، فنقول: إن الحكم بوجوب الأخذ بأحد المتعارضين في الجملة وعدم تساقطهما ليس لأجل شمول العموم اللفظي