ثم إن توضيح الأمر في هذا المقام يحتاج إلى تفصيل أقسام ظاهر الكتاب و (1) السنة المطابق لأحد المتعارضين. فنقول:
إن ظاهر الكتاب إذا لوحظ مع الخبر المخالف فلا يخلو عن صور ثلاث:
الأولى: أن يكون على وجه لو خلا الخبر المخالف له عن معارضة المطابق له كان مقدما عليه، لكونه نصا بالنسبة إليه، لكونه أخص منه أو غير ذلك - بناء على تخصيص الكتاب بخبر الواحد - فالمانع عن التخصيص حينئذ ابتلاؤه (2) بمعارضة مثله، كما إذا تعارض " أكرم زيدا العالم " و " لا تكرم زيدا العالم "، وكان في الكتاب عموم يدل على وجوب إكرام العلماء.
ومقتضى القاعدة في هذا المقام:
أن يلاحظ أولا جميع ما يمكن أن يرجح به الخبر المخالف للكتاب على المطابق له، فإن وجد شئ منها رجح المخالف به وخصص به الكتاب، لأن المفروض انحصار المانع عن تخصيصه به في ابتلائه بمزاحمة الخبر المطابق للكتاب، لأنه مع الكتاب من قبيل النص والظاهر، وقد عرفت أن العمل بالنص ليس من باب الترجيح، بل من باب العمل بالدليل والقرينة في مقابلة أصالة الحقيقة، حتى لو قلنا بكونها من باب الظهور النوعي. فإذا عولجت المزاحمة بالترجيح صار المخالف كالسليم عن المعارض، فيصرف ظاهر الكتاب بقرينة الخبر السليم.