عن أبي حنيفة من قوله: " خالفت جعفرا في كل ما يقول، إلا أني لا أدري أنه يغمض عينيه في الركوع والسجود أو يفتحهما " (1). وحينئذ فيكون خلافهم أبعد من الباطل.
ويمكن توجيه الوجه الرابع: بعدم انحصار دليله في الرواية المذكورة، بل الوجه فيه هو ما تقرر في باب التراجيح واستفيد من النصوص والفتاوى: من حصول الترجيح بكل مزية في أحد الخبرين يوجب كونه أقل أو أبعد احتمالا لمخالفة الواقع من الخبر الآخر، ومعلوم أن الخبر المخالف لا يحتمل فيه التقية، كما يحتمل في الموافق، على ما تقدم من المحقق (قدس سره) (2). فمراد المشهور من حمل الخبر الموافق على التقية ليس كون الموافقة أمارة على صدور الخبر تقية، بل المراد أن الخبرين لما اشتركا في جميع الجهات المحتملة لخلاف الواقع - عدا احتمال الصدور تقية المختص بالخبر الموافق - تعين العمل بالمخالف وانحصر محمل الخبر الموافق المطروح في التقية.
وأما ما أورده المحقق (3): من معارضة احتمال التقية باحتمال الفتوى على التأويل.
ففيه: أن الكلام فيما إذا اشترك الخبران في جميع الاحتمالات المتطرقة في السند والمتن والدلالة، فاحتمال الفتوى على التأويل مشترك.
كيف، ولو فرض اختصاص الخبر المخالف باحتمال التأويل وعدم تطرقه في الخبر الموافق، كان اللازم ارتكاب التأويل في الخبر المخالف، لما عرفت: