الجمع بتخصيص أحدهما مع بقاء الآخر على ظاهره. ومثل قوله:
" اغتسل يوم الجمعة "، بناء على أن ظاهر الصيغة الوجوب. وقوله:
" ينبغي غسل الجمعة "، بناء على ظهور هذه المادة في الاستحباب، فإن الجمع يحصل برفع اليد عن ظاهر أحدهما.
وحينئذ، فإن كان لأحد الظاهرين مزية وقوة على الآخر - بحيث لو اجتمعا في كلام واحد، نحو رأيت أسدا يرمي (1)، أو اتصلا في كلامين لمتكلم واحد، تعين العمل بالأظهر وصرف الظاهر إلى ما لا يخالفه - كان حكم هذا حكم القسم الثاني، في أنه إذا تعبدنا (2) بصدور الأظهر يصير قرينة صارفة للظاهر من دون عكس.
نعم، الفرق بينه وبين القسم الثاني: أن التعبد بصدور النص لا يمكن إلا بكونه صارفا عن الظاهر، ولا معنى له غير ذلك، ولذا ذكرنا دوران الأمر فيه بين طرح دلالة الظاهر وطرح سند النص، وفيما نحن فيه يمكن التعبد بصدور الأظهر وإبقاء الظاهر على حاله وصرف الأظهر، لأن كلا من الظهورين مستند إلى أصالة الحقيقة، إلا أن العرف يرجحون أحد الظهورين على الآخر، فالتعارض موجود والترجيح بالعرف بخلاف النص والظاهر (3).