ثم إن الممنوع هو الاعتناء بالقياس مطلقا، ولذا استقرت طريقة أصحابنا على هجره في باب الترجيح، ولم نجد منهم موضعا يرجحونه به، ولولا ذلك لوجب تدوين شروط القياس في الأصول ليرجح به في الفروع.
الثاني: في مرتبة هذا المرجح بالنسبة إلى المرجحات السابقة.
فنقول: أما الرجحان من حيث الدلالة، فقد عرفت غير مرة تقدمه على جميع المرجحات. نعم، لو بلغ المرجح الخارجي إلى حيث يوهن الأرجح دلالة، فهو يسقطه عن الحجية ويخرج الفرض عن تعارض الدليلين، ومن هنا قد (1) يقدم العام المشهور أو (2) المعتضد بالأمور الخارجية الاخر على الخاص.
وأما الترجيح من حيث السند، فظاهر مقبولة ابن حنظلة (3) تقديمه على المرجح الخارجي. لكن الظاهر أن الأمر بالعكس، لأن رجحان السند إنما اعتبر لتحصيل الأقرب إلى الواقع، فإن الأعدل أقرب إلى الصدق من غيره، بمعنى أنه لو فرض العلم بكذب أحد الخبرين كان المظنون صدق الأعدل وكذب العادل، فإذا فرض كون خبر العادل مظنون المطابقة للواقع وخبر الأعدل مظنون المخالفة، فلا وجه لترجيحه بالأعدلية. وكذا الكلام في الترجيح بمخالفة العامة، بناء على أن الوجه فيه هو نفي احتمال التقية.