- من حيث ظهور صدرها في التحكيم لأجل فصل الخصومة وقطع المنازعة، فلا يناسبها التعدد، ولا غفلة كل من الحكمين عن المعارض الواضح لمدرك حكمه، ولا اجتهاد المترافعين وتحريهما في ترجيح مستند أحد الحكمين على الآخر، ولا جواز الحكم من أحدهما بعد حكم الآخر مع بعد فرض وقوعهما دفعة، مع أن الظاهر حينئذ تساقطهما والحاجة إلى حكم ثالث - ظاهرة بل صريحة في وجوب الترجيح بهذه المرجحات بين الأخبار المتعارضة (1)، فإن تلك الإشكالات لا تدفع هذا الظهور، بل الصراحة.
نعم يرد عليه بعض الإشكالات في ترتب المرجحات، فإن ظاهر الرواية تقديم الترجيح من حيث صفات الراوي على الترجيح بالشهرة والشذوذ، مع أن عمل العلماء قديما وحديثا على العكس - على ما يدل عليه المرفوعة الآتية (2) - فإنهم (3) لا ينظرون عند تعارض المشهور والشاذ إلى صفات الراوي أصلا.
اللهم إلا أن يمنع ذلك، فإن الراوي إذا فرض كونه أفقه وأصدق وأورع، لم يبعد ترجيح روايته - وإن انفرد بها - على الرواية المشهورة بين الرواة، لكشف اختياره إياها مع فقهه وورعه عن اطلاعه على قدح في الرواية المشهورة - مثل صدورها تقية - أو تأويل لم يطلع عليه غيره، لكمال فقاهته وتنبهه لدقائق الأمور وجهات الصدور. نعم، مجرد