الخامس: أن الروايتين الأخيرتين ظاهرتان في وجوب الجمع بين الأقوال الصادرة عن الأئمة صلوات الله عليهم، برد المتشابه إلى المحكم.
والمراد بالمتشابه - بقرينة قوله: " ولا تتبعوا متشابهها فتضلوا " - هو الظاهر الذي أريد منه خلافه، إذ المتشابه إما المجمل وإما المؤول، ولا معنى للنهي عن اتباع المجمل، فالمراد إرجاع الظاهر إلى النص أو إلى الأظهر.
وهذا المعنى لما كان مركوزا في أذهان أهل اللسان، ولم يحتج إلى البيان في الكلام المعلوم الصدور عنهم، فلا يبعد إرادة ما يقع من ذلك في الكلمات المحكية عنهم بإسناد الثقات، التي تنزل منزلة المعلوم الصدور.
فالمراد أنه لا يجوز المبادرة إلى طرح الخبر المنافي لخبر آخر ولو كان الآخر أرجح منه، إذا أمكن رد المتشابه منهما إلى المحكم (1)، وأن الفقيه من تأمل في أطراف الكلمات المحكية عنهم، ولم يبادر إلى طرحها لمعارضتها بما هو أرجح منها.
والغرض من الروايتين الحث على الاجتهاد واستفراغ الوسع في معاني الروايات، وعدم المبادرة إلى طرح الخبر بمجرد مرجح لغيره عليه.