بصدور كليهما حملوا أمر الآمر (1) بالعمل بهما على إرادة ما يعم العمل بخلاف ما يقتضيانه بحسب اللغة والعرف.
ولأجل ما ذكرنا وقع من جماعة - من أجلاء الرواة (2) - السؤال عن حكم الخبرين المتعارضين، مع ما هو مركوز في ذهن كل أحد: من أن كل دليل شرعي يجب العمل به مهما أمكن، فلو لم يفهموا عدم الإمكان في المتعارضين لم يبق وجه للتحير الموجب للسؤال. مع أنه لم يقع (3) الجواب في شئ من تلك الأخبار العلاجية بوجوب الجمع بتأويلهما معا. وحمل مورد السؤال على صورة تعذر تأويلهما ولو بعيدا تقييد بفرد غير واقع في الأخبار المتعارضة.
وهذا دليل آخر على عدم كلية هذه القاعدة.
هذا كله، مضافا إلى مخالفتها للإجماع، فإن علماء الإسلام من زمن الصحابة إلى يومنا هذا لم يزالوا يستعملون المرجحات في الأخبار المتعارضة بظواهرها، ثم اختيار أحدهما وطرح الآخر من دون تأويلهما معا لأجل الجمع.
وأما ما تقدم من عوالي اللآلي (4)، فليس نصا، بل ولا ظاهرا في دعوى تقديم الجمع بهذا النحو على الترجيح والتخيير، فإن الظاهر من الإمكان في قوله: " فإن أمكنك التوفيق بينهما "، هو الإمكان العرفي، في