جهة أخرى، في مقابل طرح أحدهما رأسا.
والجمع في أدلة الأحكام عندهم، بالعمل بهما من حيث الحكم بصدقهما وإن كان فيه طرح لهما من حيث ظاهرهما.
وفي مثل تعارض البينات، لما لم يمكن ذلك، لعدم تأتي التأويل في ظاهر كلمات الشهود، فهي بمنزلة النصين المتعارضين، انحصر وجه الجمع في التبعيض فيهما من حيث التصديق، بأن يصدق كل من المتعارضين في بعض ما يخبر به.
فمن أخبر بأن هذه الدار كلها لزيد نصدقه في نصف الدار. وكذا من شهد بأن قيمة هذا الشئ صحيحا كذا ومعيبا كذا نصدقه في أن قيمة كل نصف منه منضما إلى نصفه الآخر نصف القيمة.
وهذا النحو غير ممكن في الأخبار، لأن مضمون خبر العادل - أعني: صدور هذا القول الخاص من الإمام (عليه السلام) - غير قابل للتبعيض، بل هو نظير تعارض البينات في الزوجية أو النسب.
نعم قد يتصور التبعيض في ترتيب الآثار على تصديق العادل إذا كان كل من الدليلين عاما ذا أفراد، فيؤخذ بقوله في بعضها وبقول الآخر في بعضها، فيكرم بعض العلماء ويهين بعضهم، فيما إذا ورد:
" أكرم العلماء "، وورد أيضا: " أهن العلماء "، سواء كانا نصين بحيث لا يمكن التجوز في أحدهما، أو ظاهرين فيمكن الجمع بينهما على وجه التجوز وعلى طريق التبعيض.
إلا أن المخالفة القطعية في الأحكام الشرعية لا ترتكب في واقعة واحدة، لأن الحق فيها للشارع ولا يرضى بالمعصية القطعية مقدمة للعلم بالإطاعة، فيجب اختيار أحدهما وطرح الآخر، بخلاف حقوق الناس،