إذا عرفت ما ذكرناه، فاعلم: أن الكلام في أحكام التعارض يقع في مقامين، لأن المتعارضين:
إما أن يكون لأحدهما مرجح على الآخر.
وإما أن لا يكون، بل يكونان متعادلين متكافئين.
وقبل الشروع في بيان حكمهما لا بد من الكلام في القضية المشهورة، وهي: أن الجمع بين الدليلين مهما أمكن أولى من الطرح (1).
والمراد بالطرح - على الظاهر المصرح به في كلام بعضهم (2)، وفي معقد إجماع بعض آخر (3) - أعم من طرح أحدهما لمرجح في الآخر، فيكون الجمع مع التعادل أولى من التخيير، ومع وجود المرجح أولى من الترجيح.
قال الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللآلي - على ما حكي عنه -:
إن كل حديثين ظاهرهما التعارض يجب عليك: أولا البحث عن معناهما وكيفية دلالة ألفاظهما، فإن أمكنك التوفيق بينهما بالحمل على جهات التأويل والدلالات، فاحرص عليه واجتهد في تحصيله، فإن العمل بالدليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما وتعطيله بإجماع العلماء. فإذا لم تتمكن من ذلك ولم يظهر (4) لك وجهه، فارجع إلى