أما النسخ - فبعد توجيه وقوعه بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بإرادة كشف ما بينه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للوصي (عليه السلام) عن غاية الحكم الأول وابتداء الحكم الثاني - مدفوع: بأن غلبة هذا النحو (1) من التخصيصات يأبى عن حملها على ذلك، مع أن الحمل على النسخ يوجب طرح ظهور كلا الخبرين في كون مضمونهما حكما مستمرا من أول الشريعة إلى آخرها، إلا أن يفرض المتقدم ظاهرا في الاستمرار، والمتأخر غير ظاهر بالنسبة إلى ما قبل صدوره، فحينئذ يوجب طرح ظهور المتقدم لا المتأخر، كما لا يخفى (2). وهذا لم (3) يحصل في كثير من الموارد بل أكثرها.
وأما اختفاء المخصصات، فيبعده بل يحيله - عادة - عموم البلوى بها من حيث العلم والعمل، مع إمكان دعوى العلم بعدم علم أهل العصر المتقدم وعملهم بها، بل المعلوم جهلهم بها.
فالأوجه هو الاحتمال الثالث، فكما أن رفع مقتضى البراءة العقلية ببيان التكليف كان على التدريج - كما يظهر من الأخبار والآثار - مع اشتراك الكل في الأحكام الواقعية، فكذلك ورود التقييد والتخصيص للعمومات والمطلقات، فيجوز أن يكون الحكم الظاهري للسابقين الترخيص في ترك بعض الواجبات وفعل بعض المحرمات الذي يقتضيه العمل بالعمومات، وإن كان المراد منها الخصوص الذي هو الحكم المشترك.