الذي يحتاج مع العمل به إلى طرح الخبر الآخر، لأنه يكون العامل به عاملا بالخبرين معا.
وإن كان الخبران يمكن العمل بكل منهما وحمل الآخر على بعض الوجوه من التأويل، وكان لأحد التأويلين خبر يعضده أو يشهد به على بعض الوجوه - صريحا أو تلويحا، لفظا أو دليلا - وكان الآخر عاريا عن ذلك، كان العمل به أولى من العمل بما لا يشهد له شئ من الأخبار. وإذا لم يشهد لأحد التأويلين خبر آخر وكانا (1) متحاذيين (2)، كان العامل مخيرا في العمل بأيهما شاء (3)، انتهى موضع الحاجة.
وقال في العدة:
وأما الأخبار إذا تعارضت وتقابلت، فإنه يحتاج في العمل ببعضها إلى ترجيح، والترجيح يكون بأشياء، منها: أن يكون أحد الخبرين موافقا للكتاب أو السنة المقطوع بها والآخر مخالفا لهما، فإنه يجب العمل بما وافقهما وترك العمل بما خالفهما، وكذلك إن وافق أحدهما إجماع الفرقة المحقة والآخر يخالفه وجب العمل بما يوافقه وترك ما يخالفهم.
فإن لم يكن مع أحد الخبرين شئ من ذلك وكانت فتيا الطائفة مختلفة نظر في حال رواتهما: فإن كان إحدى الروايتين راويها عدلا وجب العمل بها وترك العمل بما لم يروه العدل، وسنبين القول في العدالة المرعية في هذا الباب. فإن كان رواتهما جميعا عدلين نظر في أكثرهما