كان مخالفا للعامة، بناء على تعليل الترجيح بمخالفة العامة باحتمال التقية في الموافق، لأن هذا الترجيح ملحوظ في الخبرين بعد فرض صدورهما قطعا كما في المتواترين، أو تعبدا كما في الخبرين، بعد عدم إمكان التعبد بصدور أحدهما وترك التعبد بصدور الآخر، وفيما نحن فيه يمكن ذلك بمقتضى أدلة الترجيح من حيث الصدور.
فإن قلت: إن الأصل في الخبرين الصدور، فإذا تعبدنا بصدورهما اقتضى ذلك الحكم بصدور الموافق تقية، كما يقتضى ذلك الحكم بإرادة خلاف الظاهر في أضعفهما دلالة، فيكون هذا المرجح نظير الترجيح بحسب الدلالة مقدما على الترجيح بحسب الصدور.
قلت: لا معنى للتعبد بصدورهما مع وجوب حمل أحدهما المعين على التقية، لأنه إلغاء لأحدهما في الحقيقة، ولذا لو تعين حمل خبر غير معارض على التقية على تقدير الصدور، لم تشمله أدلة التعبد بخبر العادل.
نعم، لو علم بصدور الخبرين لم يكن بد من حمل الموافق على التقية وإلغائه، وأما إذا لم يعلم بصدورهما - كما في ما نحن فيه من المتعارضين - فيجب الرجوع إلى المرجحات الصدورية، فإن أمكن ترجيح أحدهما وتعيينه (1) من حيث التعبد بالصدور دون الآخر تعين، وإن قصرت اليد عن هذا الترجيح كان عدم احتمال التقية في أحدهما مرجحا.
فمورد هذا المرجح تساوي الخبرين من حيث الصدور، إما علما