إرادة خلاف مقتضى اللفظ إن حصل من أمارة غير معتبرة، فلا يصح رفع اليد عن الحقيقة، وإن حصل من دليل معتبر فلا يعمل بأصالة الحقيقة، ومثل له بما إذا ورد في السنة المتواترة عام، وورد فيها أيضا خطاب مجمل يوجب الإجمال في ذلك العام ولا يوجب الظن بالواقع.
قال: فلا دليل على لزوم العمل بالأصل تعبدا. ثم قال:
ولا يمكن دعوى الإجماع على لزوم العمل بأصالة الحقيقة تعبدا، فإن أكثر المحققين توقفوا في ما إذا تعارض الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح (1)، انتهى.
ووجه ضعفه يظهر مما ذكر، فإن التوقف في ظاهر خطاب لأجل إجمال (2) خطاب آخر - لكونه معارضا - مما لم يعهد من أحد من العلماء، بل لا يبعد ما تقدم (3): من حمل المجمل في أحد الخطابين على المبين في الخطاب الآخر.
وأما قياس ذلك على مسألة تعارض الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح، فعلم فساده مما ذكرنا في التفصيل المتقدم: من أن الكلام المكتنف بما يصلح أن يكون صارفا قد اعتمد عليه المتكلم في إرادة خلاف الحقيقة لا يعد من الظواهر، بل من المجملات، وكذلك المتعقب بلفظ يصلح للصارفية، كالعام المتعقب بالضمير، وشبهه مما تقدم.