وقد أشير في الكتاب والسنة إلى الجهتين:
فمما أشير فيه إلى الأولى قوله تعالى: * (قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون) * (1) بالتقريب المتقدم، وقوله (عليه السلام): " رجل قضى بالحق وهو لا يعلم " (2).
ومما أشير فيه إلى الثانية قوله تعالى: * (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (3)، وقوله (عليه السلام): " من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه " (4)، ونفس أدلة الأصول.
ثم إن ما ذكرنا من الحرمة من جهتين مبني على ما هو التحقيق:
من أن اعتبار الأصول - لفظية كانت أو عملية - غير مقيد بصورة عدم الظن على خلافها، وأما إذا قلنا باشتراط عدم كون الظن على خلافها، فلقائل أن يمنع أصالة حرمة العمل بالظن مطلقا، لا على وجه الالتزام ولا على غيره.
أما مع عدم تيسر العلم في المسألة، فلدوران الأمر فيها بين العمل بالظن وبين الرجوع إلى الأصل الموجود في تلك المسألة على خلاف الظن، وكما لا دليل على التعبد بالظن كذلك لا دليل على التعبد بذلك الأصل، لأنه المفروض، فغاية الأمر التخيير بينهما، أو تقديم الظن، لكونه أقرب إلى الواقع، فيتعين بحكم العقل.