أحدهما (1): أن يجب العمل به لمجرد كونه طريقا إلى الواقع وكاشفا ظنيا عنه، بحيث لم يلاحظ فيه مصلحة سوى الكشف عن الواقع، كما قد يتفق ذلك حين انسداد باب العلم وتعلق الغرض بإصابة الواقع، فإن الأمر بالعمل بالظن الخبري أو غيره لا يحتاج إلى مصلحة سوى كونه كاشفا ظنيا عن الواقع.
الثاني: أن يجب العمل به لأجل أنه يحدث فيه - بسبب قيام تلك الأمارة - مصلحة راجحة على المصلحة الواقعية التي تفوت عند مخالفة تلك الأمارة للواقع، كأن يحدث في صلاة الجمعة - بسبب إخبار العادل بوجوبها - مصلحة راجحة على المفسدة في فعلها على تقدير حرمتها واقعا.
أما إيجاب العمل بالخبر على الوجه الأول، فهو وإن كان في نفسه قبيحا مع فرض انفتاح باب العلم - لما ذكره المستدل من تحريم الحلال وتحليل الحرام - لكن لا يمتنع أن يكون الخبر أغلب مطابقة للواقع في نظر الشارع من الأدلة القطعية التي يستعملها المكلف للوصول إلى الحرام والحلال الواقعيين، أو يكونا متساويين في نظره من حيث الإيصال إلى الواقع.
إلا أن يقال: إن هذا رجوع إلى فرض انسداد باب العلم والعجز عن الوصول إلى الواقع، إذ ليس المراد انسداد باب الاعتقاد ولو كان جهلا مركبا، كما تقدم سابقا (2).