وإن قلنا بأن حجية الظواهر من حيث إفادتها للظن الفعلي وأنه لا عبرة بالظن الحاصل من غيرها على طبقها، أو قلنا بأن حجيتها من حيث الاتكال على أصالة عدم القرينة التي لا يعتبر فيها إفادتها للظن الفعلي، فالأقوى عدم اعتبار مطلق الظن في مقام الترجيح، إذ المفروض على هذين القولين سقوط كلا الظاهرين عن الحجية في مورد التعارض، وأنه إذا صدر عنه قوله - مثلا -: " اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه "، وورد أيضا: " كل شئ يطير لا بأس بخرئه وبوله "، وفرض عدم قوة أحد الظاهرين من حيث نفسه على الآخر، كان ذلك مسقطا لظاهر كليهما عن الحجية في مادة التعارض، أعني خرء الطير الغير المأكول (1) وبوله.
أما على القول الأول، فلأن حجية الظواهر مشروطة بالظن المفقود في المقام.
وأما على الثاني، فلأن أصالة عدم القرينة في كل منهما معارضة بمثلها في الآخر، والحكم (2) في باب تعارض الأصلين مع عدم حكومة أحدهما على الآخر، التساقط والرجوع إلى عموم أو أصل يكون حجيته مشروطة (3) بعدم وجودهما على قابلية الاعتبار، فلو عمل حينئذ بالظن الموجود مع أحدهما - كالشهرة القائمة في المسألة المذكورة على النجاسة - كنا قد عملنا بذلك الظن مستقلا، لا من باب كونه مرجحا،