وهي إنما تدل على وجوب قبول خبر العادل دون خبر الفاسق، والظاهر منها - بقرينة التفصيل بين العادل حين الإخبار والفاسق، وبقرينة تعليل اختصاص التبين بخبر الفاسق بقيام احتمال الوقوع في الندم احتمالا مساويا، لأن الفاسق لا رادع له عن الكذب - هو: عدم الاعتناء باحتمال تعمد كذبه، لا وجوب البناء على إصابته وعدم خطائه في حدسه، لأن الفسق والعدالة حين الإخبار لا يصلحان مناطين (1) لتصويب المخبر وتخطئته بالنسبة إلى حدسه، وكذا احتمال الوقوع في الندم من جهة الخطأ في الحدس أمر مشترك بين العادل والفاسق، فلا يصلح لتعليل الفرق به.
فعلمنا من ذلك: أن المقصود من الآية إرادة نفي احتمال تعمد الكذب عن العادل حين الإخبار دون الفاسق، لأن هذا هو الذي يصلح لإناطته بالفسق والعدالة حين الإخبار.
ومنه تبين: عدم دلالة الآية على قبول الشهادة الحدسية إذا قلنا بدلالة الآية على اعتبار شهادة العدل.
فإن قلت: إن مجرد دلالة الآية على ما ذكر لا يوجب قبول (2) الخبر، لبقاء احتمال خطأ العادل فيما أخبر وإن لم يتعمد الكذب، فيجب التبين في خبر العادل أيضا، لاحتمال خطائه وسهوه، وهو خلاف الآية المفصلة بين العادل والفاسق، غاية الأمر وجوبه في خبر الفاسق من وجهين وفي العادل من جهة واحدة.