وصححه. وقال عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه قال: كان ثابت البناني يحدث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " خير نساء العالمين أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت رسول الله " رواه ابن مردويه أيضا ومن طريق شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاث: مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " وقال ابن جرير: حدثني المثنى حدثنا آدم العسقلاني حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مرة سمعت مرة الهمداني يحدث عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون ". وقد أخرجه الجماعة إلا أبا داود من طريق عن شعبة به ولفظ البخاري " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " وقد استقصيت طرق هذا الحديث وألفاظه في قصة عيسى ابن مريم عليه السلام في كتابنا البداية والنهاية ولله الحمد المنة ثم أخبرنا تعالى عن الملائكة أنهم أمروها بكثرة العبادة والخشوع والركوع والسجود والدأب في العمل لما يريد الله بها من الامر الذي قدره الله وقضاه مما فيه محنة لها ورفعة في الدارين بما أظهر الله فيها من قدرته العظيمة حيث خلق منها ولدا من غير أب فقال تعالى " يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين " أما القنوت فهو الطاعة في خشوع كما قال تعالى " وله من السماوات والأرض كل له قانتون " وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة " ورواه ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن دراج به وفيه نكارة. وقال مجاهد: كانت مريم عليها السلام تقوم حتى تتورم كعباها والقنوت هو طول الركوع في الصلاة يعني امتثالا لقول الله تعالى " يا مريم اقنتي لربك " قال الحسن: يعني اعبدي لربك " واسجدي واركعي مع الراكعين " أي كوني منهم وقال الأوزاعي: ركدت في محرابها راكعة وساجدة وقائمة حتى نزل ماء الأصفر في قدميها رضي الله عنها وأرضاها. وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمتها من طريق محمد بن يونس الكديمي وفيه مقال: ثنا علي بن بحر بن بري ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير في قوله: " يا مريم اقنتي لربك واسجدي " قال: سجدت حتى نزل الماء الأصفر في عينيها وذكر ابن أبي الدنيا ثنا الحسن ابن عبد العزيز ثنا ضمرة عن أبي شوذب قال: كانت مريم عليها السلام تغتسل في كل ليلة. ثم قال لرسوله بعدما أطلعه على جلية الامر: " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " أي نقصه عليك " وما كنت لديهم " أي ما كنت عندهم يا محمد فتخبرهم عن معاينة عما جرى بل أطلعك الله على ذلك كأنك حاضر وشاهد لما كان من أمرهم حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكلفها وذلك لرغبتهم في الاجر قال ابن جرير: حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني حجاج عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة أنه أخبره عن عكرمة وأبي بكر عن عكرمة قال: ثم خرجت بها يعني مريم في خرقها إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى عليهما السلام قال: وهم يومئذ يلون في بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة فاني حررتها وهي أنثى ولا يدخل الكنيسة حائض وأنا لا أردها إلى بيتي فقالوا: هذه ابنة إمامنا وكان عمران يؤمهم في الصلاة وصاحب قرباننا فقال زكريا: ادفعوها لي فإن خالتها تحتي فقالوا: لا تطيب أنفسنا هي ابنة إمامنا فذلك حين اقترعوا عليها بأقلامهم التي يكتبون بها التوراة فقرعهم زكريا فكفلها وقد ذكر عكرمة أيضا والسدي وقتادة والربيع بن أنس وغير واحد دخل حديث بعضهم في بعض: أنهم ذهبوا إلى نهر الأردن واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم فأيهم يثبت في جرية الماء فهو كافلها فألقوا أقلامهم فاحتملها الماء إلا قلم زكريا فإنه ثبت ويقال: إنه ذهب صاعدا يشق جرية الماء وكان مع ذلك كبيرهم وسيدهم وعالمهم وإمامهم ونبيهم صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين.
(٣٧١)