قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه حدثني الحضرمي عن أبي السوار عن جندب بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رهطا وبعث عليهم أبا عبيدة بن الجراح فلما ذهب ينطق بكى صبابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحبسه فبعث عليهم مكانه عبد الله بن جحش وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا وقال " لا تكرهن أحدا على السير معك من أصحابك " فلما قرأ الكتاب استرجع وقال: سمعا وطاعة لله ولرسوله فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب فرجع رجلان وبقي بقيتهم فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو من جمادى فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير " الآية. وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير " الآية. وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية وكانوا سبعة نفر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي وفيهم عمار بن ياسر وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وسعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان السلمي حليف لبني نوفل وسهيل بن بيضاء وعامر بن فهيرة وواقد بن عبد الله اليربوعي حليف لعمر ابن الخطاب وكتب لابن جحش كتابا وأمره أن لا يقرأه حتى ينزل بطن نخلة فلما نزل بطن نخلة فتح الكتاب فإذا فيه " أن سر حتى تنزل بطن نخلة " فقال لأصحابه من كان يريد الموت فليمض وليوص فإنني موص وماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار فتخلف عنه سعد بن أبي وقاص وعتبة أضلا راحلة لهما فتخلفا يطلبانها وسار ابن جحش إلى بطن نخلة فإذا هو بالحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وانفلت وقتل عمرو قتله واقد بن عبد الله فكانت أول غنيمة غنمها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رجعوا إلى المدينة بأسيرين وما أصابوا من المال أراد أهل مكة أن يفادوا الأسيرين عليه وقالوا إن محمدا يزعم أنه يتبع طاعة الله وهو أول من استحل الشهر الحرام وقتل صاحبنا في رجب فقال المسلمون إنما قتلناه في جمادى وقتل في أول ليلة من رجب وآخر ليلة من جمادى وأغمد المسلمون سيوفهم حين دخل شهر رجب وأنزل الله يعير أهل مكة " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير " لا يحل وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام حين كفرتم بالله وصددتم عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وإخراج أهل المسجد الحرام منه حين أخرجوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أكبر من القتل عند الله.
وقال العوفي عن ابن عباس " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير " وذلك أن المشركين صدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وردوه عن المسجد في شهر حرام قال ففتح الله على نبيه في شهر حرام من العام المقبل فعاب المشركون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القتال في شهر حرام فقال الله " وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله " من القتال فيه وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فلقوا عمرو بن الحضرمي وهو مقبل من الطائف في آخر ليلة من جمادى وأول ليلة من رجب وإن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا يظنون أن تلك الليلة من جمادى وكانت أول رجب ولم يشعروا فقتله رجل منهم وأخذوا ما كان معه وإن المشركين أرسلوا يعيرونه بذلك فقال الله تعالى " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه " إخراج أهل المسجد الحرام أكبر من الذي أصاب أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - والشرك أشد منه وهكذا روى أبو سعيد البقال عن عكرمة عن ابن عباس أنها نزلت في سرية عبد الله بن جحش وقتل عمرو بن الحضرمي. وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل فيما كان من مصاب عمرو بن الحضرمي " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه " إلى آخر الآية. وقال عبد الملك بن هشام راوي السيرة عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني رحمه الله في كتاب السيرة له إنه قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش بن رباب الأسدي في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير بيومين ثم ينظر فيه فيمضي كما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدا وكان أصحاب عبد الله بن جحش من المهاجرين ثم من بني عبد شمس بن عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ومن حلفائهم عبد الله بن جحش وهو أمير القوم وعكاشة بن محصن أحد