أنس. وقال الضحاك: هو السحاب والأشهر هو المطر نزل من السماء في حال ظلمات وهي الشكوك والكفر والنفاق ورعد وهو ما يزعج القلوب من الخوف فإن من شأن المنافقين الخوف الشديد والفزع كما قال تعالى " يحسبون كل صيحة عليهم " وقال " ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون * لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون " " والبرق " هو ما يلمع في قلوب هؤلاء الضرب من المنافقين في بعض الأحيان من نور الايمان ولهذا قال " يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين " أي ولا يجدى عنهم حذرهم شيئا لان الله محيط بقدرته وهم تحت مشيئته وإرادته كما قال " هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط " بهم ثم قال " يكاد البرق يخطف أبصارهم " أي لشدته وقوته في نفسه وضعف بصائرهم وعدم ثباتها للايمان وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " يكاد البرق يخطف أبصارهم " يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين وقال ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس " يكاد البرق يخطف أبصارهم " أي لشدة ضوء الحق كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا أي كلما ظهر لهم من الايمان شئ استأنسوا به واتبعوه وتارة تعرض لهم الشكوك أظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كلما أضاء لهم مشوا فيه يقول كلما أصاب المنافقين من عز الاسلام اطمأنوا إليه وإذا أصاب الاسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله تعالى " ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به " وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس " كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا " أي يعرفون الحق ويتكلمون به فهم من قولهم به على استقامة فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا أي متحيرين وهكذا قال أبو العالية والحسن البصري وقتادة والربيع بن أنس والسدي بسنده عن الصحابة وهو أصح وأظهر والله أعلم، وهكذا يكونون يوم القيامة عندما يعطي الناس النور بحسب إيمانهم فمنهم من يعطى من النور ما يضئ له مسيرة فراسخ وأكثر من ذلك وأقل من ذلك، ومنهم من يطفأ نوره تارة ويضئ أخرى، ومنهم من يمشي على الصراط تارة ويقف أخرى، ومنهم من يطفأ نوره بالكلية وهم الخلص من المنافقين الذين قال تعالى فيهم " يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا " وقال في حق المؤمنين " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار " الآية، وقال تعالى " يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير ".
" ذكر الحديث الوارد في ذلك " قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات " الآية ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " من المؤمنين من يضئ نوره من المدينة إلى عدن أبين بصنعاء ودون ذلك حتى إن من المؤمنين من لا يضئ نوره إلا موضع قدميه " رواه ابن جرير ورواه ابن أبي حاتم من حديث عمران بن داود القطان عن قتادة بنحوه وهذا كما قال المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن عن عبد الله بن مسعود قال يؤتون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم وأدناهم نورا على إبهامه يطفأ مرة ويتقد مرة وهكذا رواه ابن جرير عن ابن مثنى عن ابن إدريس عن أبيه عن المنهال وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن علي بن محمد الطنافسي حدثنا ابن إدريس سمعت أبي يذكر عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن عن عبد الله بن مسعود " نورهم يسعى بين أيديهم " قال على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة وأدناهم نورا من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ أخرى، وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا أبو يحيى الحماني حدثنا عقبة بن اليقظان عن عكرمة عن ابن عباس قال ليس أحد من أهل