إسماعيل بن سلمة عن الحسن عن عبادة بن الصامت في قول الله تعالى " ولا تتخذوا آيات الله هزوا ". قال: كان الرجل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول للرجل زوجتك ابنتي ثم يقول: كنت لاعبا ويقول: قد أعتقت ويقول: كنت لاعبا فأنزل الله " ولا تتخذوا آيات الله هزوا ". فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ثلاث من قالهن لاعبا أو غير لاعب فهن جائزات عليه الطلاق والعتاق والنكاح " والمشهور في هذا الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من طريق عبد الرحمن بن حبيب بن أدرك عن عطاء عن ابن ماهك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة " وقال الترمذي: حسن غريب.
وقوله " واذكروا نعمة الله عليكم " أي في إرساله الرسول بالهدى والبينات إليكم " وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة " أي السنة " يعظكم به " أي يأمركم وينهاكم ويتوعدكم على ارتكاب المحارم " واتقوا الله " أي فيما تأتون وفيما تذرون " واعلموا أن الله بكل شئ عليم " أي فلا يخفى عليه شئ من أموركم السرية والجهرية وسيجازيكم على ذلك.
وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون (232) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين فتنقضي عدتها ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياؤها من ذلك فنهى الله أن يمنعوها. وكذا روى العوفي عنه عن ابن عباس أيضا وكذا قال مسروق وإبراهيم النخعي والزهري والضحاك: إنها أنزلت في ذلك وهذا الذي قالوه ظاهر من الآية. وفيها دلالة على أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها وأنه لا بد في النكاح من ولي كما قاله الترمذي وابن جرير عند هذه الآية. كما جاء في الحديث " لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها " وفي الأثر الآخر " لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل " وفي هذه المسألة نزاع بين العلماء محرر في موضعه من كتب الفروع وقد قررنا ذلك في كتاب الأحكام ولله الحمد والمنة.
وقد روي أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار المزني وأخته فقال البخاري رحمه الله في كتابه الصحيح عند تفسير هذه الآية: حدثنا عبيد الله بن سعيد حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا عباد بن راشد حدثنا الحسن قال حدثني معقل بن يسار قال: كانت لي أخت تخطب إلي قال البخاري وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدثني معقل بن يسار وحدثنا أبو معمر وحدثنا عبد الوارث حدثنا يونس عن الحسن أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فتركها حتى انقضت عدتها فخطبها فأبى معقل فنزلت " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ". وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه من طرق متعددة عن الحسن عن معقل بن يسار به وصححه الترمذي أيضا ولفظه عن معقل بن يسار أنه زوج أخته رجلا من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت عدتها فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطاب فقال له يا لكع بن لكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها والله لا ترجع إليك أبدا آخر ما عليك قال فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل الله " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن " إلى قوله " وأنتم لا تعلمون " فلما سمعها معقل قال: سمع لربي وطاعة ثم دعاه فقال أزوجك وأكرمك زاد ابن مردويه: وكفرت عن يميني. وروى ابن جرير عن ابن جريج قال: هي جميلة بنت يسار كانت تحت أبي البداح. وقال سفيان الثوري: عن أبي إسحاق السبيعي قال هي فاطمة بنت يسار وهكذا ذكر غير واحد من السلف أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار وأخته. وقال السدي: نزلت في جابر بن عبد الله وابنة عم له والصحيح الأول والله أعلم.