وهو قول علي وابن مسعود وعطاء وإبراهيم النخعي وقال: مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه عدتها حيضة وبه يقول ابن عمر والشعبي ومكحول والليث وأبو عبيد وأبو ثور والجمهور قال الليث: ولو مات وهو حائض أجزأتها وقال مالك: فلو كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر وقال الشافعي والجمهور: شهر وثلاثة أحب إلي والله أعلم.
وقوله " فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير " يستفاد من هذا وجوب الاحداد على المتوفى عنها زوجها مدة عدتها لما ثبت في الصحيحين من غير وجه عن أم حبيبة وزينب بنت جحش أمي المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " وفي الصحيحين أيضا عن أم سلمة أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال " لا " كل ذلك يقول لا مرتين أو ثلاثا ثم قال " إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث سنة " قالت زينب بنت أم سلمة: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشئ إلا مات ومن ههنا ذهب كثيرون من العلماء إلى أن هذه الآية ناسخة للآية التي بعدها وهي قوله " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " الآية. كما قاله ابن عباس وغيره وفي هذا نظر كما سيأتي تقريره. والغرض أن الاحداد هو عبارة عن ترك الزينة من الطيب ولبس ما يدعوها إلى الأزواج من ثياب وحلي وغير ذلك وهو واجب في عدة الوفاة قولا واحدا ولا يجب في عدة الرجعية قولا واحدا وهل يجب في عدة البائن فيه قولان: ويجب الاحداد على جميع الزوجات المتوفى عنهن أزواجهن سواء في ذلك الصغيرة والآيسة والحرة والأمة والمسلمة والكافرة لعموم الآية. وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه لا إحداد على الكافرة وبه يقول أشهب وابن نافع من أصحاب مالك وحجة قائل هذه المقالة قوله - صلى الله عليه وسلم - " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " قالوا: فجعله تعبدا وألحق أبو حنيفة وأصحابه والثوري الصغيرة بها لعدم التكليف وألحق أبو حنيفة وأصحابه الأمة المسلمة لنقصها ومحل تقرير ذلك كله في كتب الاحكام والفروع والله الموفق للصواب.
وقوله " فإذا بلغن أجلهن " أي انقضت عدتهن قاله الضحاك والربيع بن أنس " فلا جناح عليكم " قال: الزهري أي على أوليائها " فيما فعلن " يعني النساء اللاتي انقضت عدتهن قال الوني عن ابن عباس إذا طلقت المرأة أو مات عنها زوجها فإذا انقضت عدتها فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج فذلك المعروف وروي عن مقاتل بن حيان نحوه وقال ابن حريج عن مجاهد " فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف " قال النكاح الحلال الطيب وروي عن الحسن والزهري والسدي نحو ذلك.
ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم (235) يقول تعالى " ولا جناح عليكم " أن تعرضوا بخطبة النساء في عدتهن من وفاة أزواجهن من غير تصريح. قال:
الثوري وشعبة وجرير وغيرهم. عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في قوله " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال التعريض أن يقول إني أريد التزويج وإني أحب امرأة من أمرها ومن أمرها - يعرض لها بالقول بالمعروف وفي رواية ووددت أن الله رزقني امرأة ونحو هذا ولا ينتصب للخطبة وفي رواية إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن