عن تفسير القرآن ومعه ألواحه قال: فيقول له ابن عباس اكتب حتى سأله عن التفسير كله ولهذا كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به، وكسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري ومسروق بن الأجدع وسعيد بن المسيب وأبي العالية والربيع بن أنس وقتادة والضحاك بن مزاحم وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم فتذكر أقوالهم في الآية فيقع في عبارتهم تباين في الألفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافا فيحكيها أقوالا، وليس كذلك فإن منهم من يعبر عن الشئ بلازمه أو بنظيره، ومنهم من ينض على الشئ بعينه، والكل بمعنى واحد في أكثر الأماكن فليتفطن اللبيب لذلك والله الهادي. وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم وهذا صحيح. أما إذا أجمعوا على الشئ فلا يرتاب في كونه حجة، فان اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على قول بعض ولا على من بعدهم ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك. فاما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام لما رواه محمد بن جرير رحمه الله تعالى حيث قال:
ثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا سفيان حدثني عبد الأعلى هو ابن عامر الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قال في القرآن برايه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار " وهكذا أخرجه الترمذي والنسائي من طرق عن سفيان الثوري به، ورواه أبو داود عن مسدد عن أبي عوانة عن عبد الأعلى به مرفوعا وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وهكذا رواه ابن جرير أيضا عن يحيى بن طلحة اليربوعي عن شريك عن عبد الأعلى به مرفوعا ولكن رواه عن محمد بن حميد عن الحكم بن بشير عن عمرو بن قيس الملائي عن عبد الأعلى عن سعيد عن ابن عباس فوفقه، وعن محمد بن حميد عن جرير عن ليث عن بكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من قوله فالله أعلم. وقال ابن جرير: أنبأنا العباس بن عبد العظيم العنبري ثنا حيان بن هلال ثنا سهل أخو حزم ثنا أبو عمران الجوني عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ " وقد روى هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي حزم القطيعي وقال الترمذي: غريب وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل. وفي لفظ لهم " من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ " أي لأنه قد تكلف ما لا علم له به وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الامر لكان قد أخطأ لأنه لم يأت الامر من بابه كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الامر لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ والله أعلم. وهكذا سمى الله القذفة كاذبين فقال (فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون) فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنى في نفس الامر لأنه أخبر بما يحل له الاخبار به. ولو كان أخبر بما يعلم لأنه تكلف ما لا علم له به والله أعلم ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به كما روى شعبة عن سليمان عن عبد الله بن مرة عن - أبي معمر قال - قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم وقال أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا محمد بن يزيد عن العوام وابن حوشب عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله تعالى: (وفاكهة وأبا) فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم. منقطع. وقال أبو عبيد أيضا ثنا يزيد عن حميد عن أنس أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر (وفاكهة وأبا) فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه فقال إن هذا لهو التكلف يا عمر وقال محمد بن سعد ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي ظهر قميصه أربع رقاع فقرأ (وفاكهة وأبا) فقال فما الأب ثم قال هو التكلف فما عليك أن لا تدريه؟ وهذا كله محمول على أنهما رضي الله عنهما إذا أرادا استكشفا علم كيفية الأب وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل كقوله تعالى: (فأنبتنا فيها حبا وعنبا) الآية وقال ابن جرير حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فأبي أن يقول فيها، إسناده صحيح. وقال أبو عبيد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابن عباس عن يوم كان مقداره ألف سنة؟ فقال له ابن عباس: فما