ولم يكن ذلك الوقت وقت فرار من العذاب وهو كقوله: * (فلما رأوا بأسنا قالا آمنا) * (غافر: 84) وقال: * (حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون) * (المؤمنون: 64) والجؤار رفع الصوت بالتضرع والاستغاثة وكقوله: * (الآن وقد عصيت قبل) * (يونس: 91) وقوله: * (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * (غافر: 85) بقي ههنا أبحاث:
البحث الأول: في تحقيق الكلام في لفظ * (لات) * الخليل وسيبويه أن لات هي لا المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث كما زيدت على رب وثم للتأكيد، وبسب هذه الزيادة حدثت لها أحكام جديدة، منها أنها لا تدخل إلا على الأحيان، ومنها أن لا يبرز إلا أحد جزءيها، إما الاسم وأما الخبر ويمتنع بروزهما جميعا، وقال الأخفش إنها لا النافية للجنس زيدت عليها التاء، وخصت بنفي الأحيان * (وحين مناص) * منصوب بها كأنك قلت ولات حين مناص لهم ويرتفع بالابتداء أي ولات حين مناص كائن لهم.
البحث الثاني: الجمهور يقفون على التاء من قوله: * (ولات) * والكسائي يقف عليها بالهاء كما يفق على الأسماء المؤنثة، قال صاحب " الكشاف ": وأما قول أبي عبيدة التاء داخلة على الحين فلا وجه له، واستشهاده بأن التاء ملتزقة بحين في مصحف عثمان فضعيف فكم وقعت في المصحف أشياء خارجة عن قياس الخط.
البحث الثالث: المناص المنجا والغوث، يقال ناصه إذا أغاثه، واستناص طلب المناص، والله أعلم.
قوله تعالى * (وعجبوا أن جآءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب * أجعل الالهة إلها واحدا إن هذا لشىء عجاب * وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على ءالهتكم إن هذا لشىء يراد * ما سمعنا بهذا فى الملة الاخرة إن هذا إلا اختلاق) * اعلم أنه تعالى لما حكى عن الكفار كونهم في عزة وشقاق أردفه بشرح كلماتهم الفاسدة فقال: * (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم) * في قوله: * (منهم) * وجهان الأول: أنهم قالوا: إن محمدا مساو لنا في الخلفة الظاهرة والأخلاق الباطنة والنسب والشكل والصورة، فكيف يعقل أن يختص من بيننا بهذا المنصب العالي والدرجات والرفيعة والثاني: أن الغرض من هذه الكلمة لا التنبيه على كمال