إذا طلعت وكان هناك موضع قابل للاستنارة وهو الذي يمسك الشعاع، فإن البيت الذي فيه كوة يدخل منها الشعاع إذا كان في مقابلة الكوة منفذ يخرج منه الشعاع ويدخل بيتا آخر ويبسط الشعاع على أرضه يرى البيت الثاني مضيئا والأول مظلما، وإن لم يكن هناك حائل كالبيت الذي لا كوة له فإنه لا يضيء، فإذا حصلت الأمور الثلاثة يستنير البيت وإلا فلا تتحقق الظلمة بفقد أي أمر كان من الأمور الثلاثة.
* (إن أنت إلا نذير) *.
ثم قال تعالى: * (إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور) * وفيه احتمال معنيين الأول: أن يكون المراد بيان كون الكفار بالنسبة إلى سماعهم كلام النبي والوحي النازل عليه دون حال الموتى فإن الله يسمع الموتى والنبي لا يسمع من مات وقبر، فالموتى سامعون من الله والكفار كالموتى لا يسمعون من النبي والثاني: أن يكون المراد تسلية النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لما بين له أنه لا ينفعهم ولا يسمعهم قال له هؤلاء لا يسمعهم إلا الله، فإنه يسمع من يشاء ولو كان صخرة صماء، وأما أنت فلا تسمع من في القبور، فما عليك من حسابهم من شيء.
ثم قال تعالى: * (إن أنت إلا نذير) * بيانا للتسلية.
* (إنآ أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) *.
ثم قال تعالى: * (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا) * لما قال: * (إن أنت إلا نذير) * بين أنه ليس نذيرا من تلقاء نفسه إنما هو نذير بإذن الله وإرساله.
ثم قال تعالى: * (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) * تقريرا لأمرين أحدهما: لتسلية قلبه حيث يعلم أن غيره كان مثله محتملا لتأذي القوم وثانيهما: إلزام القوم قبوله فإنه ليس بدعا من الرسل وإنما هو مثل غيره يدعى ما ادعاه الرسل ويقرره.
* (وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جآءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير) *.
وقوله تعالى: * (وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير) *.
يعني أنت جئتهم بالبينة والكتاب فكذبوك وآذوك وغيرك أيضا أتاهم بمثل ذلك وفعلوا بهم ما فعلوا بك وصبروا على ما كذبوا فكذلك نلزمهم بأن من تقدم من الرسل لم يعلم كونهم رسلا إلا بالمعجزات البينات وقد آتيناها محمدا صلى الله عليه وسلم * (وبالزبر وبالكتاب المنير) *