وبين فيه أن الإيمان في مقابلته المغفرة فلا يؤيده مؤمن في النار، والعمل الصالح في مقابلته الأجر الكبير.
ثم قال تعالى: * (أمن زين له سوء عمله فرآه حسنا، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون) *.
يعني ليس من عمل سيئا كالذي عمل صالحا، كما قال بعد هذا بآيات وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور، وله تعلق بما قبله وذلك من حيث إنه تعالى لما بين حال المسئ الكافر والمحسن المؤمن، وما من أحد يعترف بأنه يعمل سيئا إلا قليل، فكان الكافر يقول الذي له العذاب الشديد هو الذي يتبع الشيطان وهو محمد وقومه الذين استهوتهم الجن فتبعوها، والذي له الأجر العظيم نحن الذين دمنا على ما كان عليه آباؤنا فقال الله تعالى لستم أنتم بذلك فإن المحسن غير، ومن زين له العمل السيء فرآه حسنا غير، بل الذين زين لهم السيء دون من أساء وعلم أنه مسيء فإن الجاهل الذي يعلم جهله والمسئ الذي يعمل سوء عمله يرجع ويتوب والذي لا يعلم يصر على الذنوب والمسئ العالم له صفة ذم بالإساءة وصفة مدح بالعلم. والمسئ الذي يرى الإساءة إحسانا له صفتا ذم الإساءة والجهل، ثم بين أن الكل بمشيئة الله، وقال: * (فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) * وذلك لأن الناس أشخاصهم متساوية في الحقيقة والإساءة والإحسان، والسيئة والحسنة يمتاز بعضها عن بعض فإذا عرفها البعض دون البعض لا يكون باستقلال منهم، فلا بد من الاستناد إلى إرادة الله.
ثم سلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حزن من إصرارهم بعد إتيانه بكل آية ظاهرة وحجة باهرة فقال: * (فلا تذهب نفسك عليهم نفسك حسرات) * كما قال تعالى: * (فلعلك باخع نفسك على آثارهم) *.
ثم بين أن حزنه إن كان لما بهم من الضلال فالله عالم بهم وبما يصنعون لو أراد إيمانهم وإحسانهم لصدهم عن الضلال وردهم عن الإضلال، وإن كان لما به منهم من الإيذاء فالله عالم بفعله يجازيهم على ما يصنعون.
ثم قال تعالى * (والله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الارض بعد موتها كذلك النشور) *.
ثم عاد إلى البيان فقال تعالى: * (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحييناه به الأرض بعد موتها كذلك النشور) *.