إلا بأهله " وعلى هذا فذلك الرجل الممكور به (لا) يكون أهلا فلا يرد نقضا وثالثها: أن الأمور بعواقبها، ومن مكر به غيره ونفذ فيه المكر عاجلا في الظاهر ففي الحقيقة هو الفائز والماكر هو الهالك وذلك مثل راحة الكافر ومشقة المسلم في الدنيا، ويبين هذا المعنى قوله تعالى: * (فهل ينظرون إلا سنة الأولين) * يعني إذا كان لمكرهم في الحال رواج فالعاقبة للتقوى والأمور بخواتيمها، فيهلكون كما هلك الأولون.
وقوله تعالى: * (فهل ينظرون إلا سنة الأولين) * أي ليس لهم بعد هذا إلا انتظار الإهلاك وهو سنة الأولين وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الإهلاك ليس سنة الأولين إنما هو سنة الله بالأولين، فنقول الجواب عنه من وجهين أحدهما: أن المصدر الذي هو المفعول المطلق يضاف إلى الفاعل والمفعول لتعلقه بهما من وجه دون وجه فيقال فيما إذا ضرب زيد عمرا عجبت من ضرب عمرو كيف ضرب مع ماله من العزم والقوة وعجبت من ضرب زيد كيف ضرب مع ماله من العلم والحكمة فكذلك سنة الله بهم أضافها إليهم لأنها سنة سنت بهم وأضافها إلى نفسه بعدها بقوله:
* (فلن تجد لسنة الله تبديلا) * لأنها سنة من سنن الله، إذا علمت هذا فنقول أضافها في الأول إليهم حيث قال: * (سنة الأولين) * لأن سنة الله الإهلاك بالإشراك والإكرام على الإسلام فلا يعلم أنهم ينتظرون أيهما فإذا قال سنة الأولين تميزت وفي الثاني أضافها إلى الله، لأنها لما علمت فالإضافة إلى الله تعظمها وتبين أنها أمر واقع ليس لها من دافع وثانيهما: أن المراد من سنة الأولين استمرارهم على الإنكار واستكبارهم عن الإقرار، وسنة الله استئصالهم بإصرارهم فكأنه قال: أنتم تريدون الإتيان بسنة الأولين والله يأتي بسنة لا تبديل لها ولا تحويل عن مستحقها.
المسألة الثانية: التبديل تحويل فما الحكمة في التكرار؟ نقول بقوله: * (فلن تجد لسنت الله تبديلا) * حصل العلم بأن العذاب لا تبديل له بغيره، وبقوله: * (ولن تجد لسنة الله تحويلا) * حصل العلم بأن العذاب مع أنه لا تبديل له بالثواب لا يتحول عن مستحقه إلى غيره فيتم تهديد المسئ.
المسألة الثالثة: المخاطب بقوله: * (فلن تجد) * يحتمل وجهين وقد تقدم مرارا أحدهما: أن يكون عاما كأنه قال فلن تجد أيها السامع لسنة الله تبديلا والثاني: أن يكون مع محمد صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فكأنه قال: سنة الله أنه لا يهلك ما بقي في القوم من كتب الله إيمانه، فإذا