ونحن نقول إن قوله للشيء الحادث حادث لأنه مع التعلق، وإنما القديم قوله وكلامه لا مع التعلق وكل قديم وحادث إذا نظرت إلى مجموعهما لا تجدهما في الأزل وإنما تجدهما جميعا فيما لا يزال فله معنى الحديث ولكن الإطلاق موهم، فتفكر جدا ولا تقل المجموع حادث من غير بيان مرادك، فإن ذلك قد يفهم منه أن الجميع حادث، بل حقق الإشارة وجود العبارة وقل أحد طرفي المجموع قديم والآخر حادث ولم يكن الآخر معه في الأزل، وأما قوله: * (كن) * من الحروف، نقول الكلام يطلق على معنيين أحدهما: ما عند المتكلم والثاني: ما عند السامع، ثم إن أحدهما يطلق عليه أنه هو الآخر ومن هذا يظهر فوائد. أما بيان ما ذكرناه، فلأن الإنسان إذا قال لغيره عندي كلام أريد أن أقوله لك غدا، ثم إن السامع أتاه غدا وسأله عن الكلام لذي كان عنده أمس، فيقول له: إني أريد أن تحضر عندي اليوم، فهذا الكلام أطلق عليه المتكلم أنه كان عندك أمس ولم يكن عند السامع، ثم حصل عند السامع بحرف وصوت ويطلق عليه أن هذا الذي سمعت هو الذي كان عندي، ويعلم كل عاقل أن الصوت لم يكن عند المتكلم أمس ولا الحرف، لأن الكلام الذي عنده جاز أن يذكره بالعربي فيكون له حروف، وجاز أن يذكره بالفارسية فيكون له حروف أخر، والكلام الذي عنده ووعد به واحد والحروف مختلفة كثيرة، فإذا معنى قوله هذا ما كان عندي، هو أن هذا يؤدي إليك ما كان عندي، وهذا أيضا مجاز، لأن الذي عنده ما انتقل إليه، وإنما علم ذلك وحصل عنده به علم مستفاد من السمع أو البصر في القراءة والكتابة أو إشارة، إذا علمت هذا فالكلام الذي عند الله وصفة له ليس بحرف على ما بان، والذي يحصل عند السامع حرف وصوت وأحدهما الآخر لما ذكرنا من المعنى وتوسع الإطلاق، فإذا قال تعالى: (يقول له) حصل قائل وسامع. فاعتبرها من جانب السامع لكون وجود الفعل من السامع لذلك القول فعبر عنه بالكاف والنون الذي يحدث عند السامع ويحدث به المطلوب. ثم قال تعالى:
* (فسبحان الذى بيده ملكوت كل شىء وإليه ترجعون) * لما تقررت الوحدانية والإعادة وأنكروها وقالوا: بأن غير الله آلهة، قال تعالى وتنزه عن الشريك: * (الذي بيده ملكوت كل شيء) * وكل شيء ملكه فكيف يكون المملوك للمالك شريكا، وقالوا: بأن الإعادة لا تكون، فقال: وإليه ترجعون) * ردا عليهم في الأمرين، وقد ذكرنا ما يتعلق بالنحو في قوله: سبحان، أي سبحوا تسبيح الذي أو سبح من في السماوات والأرض تسبيح الذي * (فسبحان) * علم للتسبيح، والتسبيح هو التنزيه، والملكوت مبالغة في الملك كالرحموت والرهبوت، وهو فعلول أو فعلوت فيه كلام، ومن قال هو فعلول جعلوه ملحقا به.