الإضمار، أو يقال ما وعد الرحمن خبر مبتدأ محذوف تقديره هو ما وعد الرحمن من البعث ليس تنبيها من النوم، وصدق المرسلون فيما أخبروكم به.
المسألة السادسة: إن قلنا: * (هذا) * إشارة إلى المرقد أو إلى البعث، فجواب الاستفهام بقولهم * (من بعثنا) * أن يكون؟ نقول: لما كان غرضهم من قولهم: * (من بعثنا) * حصول العلم بأنه بعث أو تنبيه حصل الجواب بقوله هذا بعث وعد الرحمن به ليس تنبيها، كما أن الخائف إذا قال لغيره ماذا تقول أيقتلني فلان؟ فله أن يقول لا تخف ويسكت، لعلمه أن غرضه إزالة الرعب عنه وبه يحصل الجواب. ثم قال تعالى:
* (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون) * أي ما كانت النفخة إلا صيحة واحدة، يدل على النفخة قوله تعالى: * (ونفخ في الصور) * (يس: 51) ويحتمل أن يقال إن كانت الواقعة، وقرئت الصيحة مرفوعة على أن كان هي التامة، بمعنى ما وقعت إلا صيحة، وقال الزمخشري: لو كان كذلك لكان الأحسن أن يقال: إن كان، لأنا لمعنى حينئذ ما وقع شيء إلا صيحة، لكن التأنيث جائز إحالة على الظاهر، ويمكن أن يقول الذي قرأ بالرفع أن قوله: * (إذا وقعت الواقعة) * (الواقعة: 1) تأنيث تهويل ومبالغة، يدل عليه قوله: * (ليس لوقعتها كاذبة) * (الواقعة: 2) فإنها للمبالغة فكذلك هنا قال: * (إن كانت إلا صيحة) * مؤنثة تأنيث تهويل، ولهذا جاءت أسماء يوم الحشر كلها مؤنثة كالقيامة والقارعة والحاقة والطامة والصاخة إلى غيرها، والزمخشري يقول كاذبة بمعنى ليس لوقعتها نفس كاذبة، وتأنيث أسماء الحشر لكون الحشر مسمى بالقيامة، وقوله: * (محضرون) * دل على أن كونهم * (ينسلون) * (يس: 51) إجباري لا اختياري. ثم بين ما يكون فذلك اليوم بقوله تعالى:
* (فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) * فقوله: * (لا تظلم نفس) * ليأمن المؤمن * (ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) * لييأس المجرم الكافر وفيه مسائل:
المسألة الأولى: ما الفائدة في الخطاب عند الإشارة إلى يأس المجرم بقوله: * (ولا تجزون) * وترك الخطاب في الإشارة إلى أمان المؤمن من العذاب بقوله: * (لا تظلم) * ولم يقل ولا تظلمون أيها المؤمنون؟ نقول لأن قوله: * (لا تظلم نفس شيئا) * يفيد العموم وهو كذلك فإنها لا تظلم أبدا * (ولا تجزون) * مختص بالكافر، فإن الله يجزي المؤمن وإن لم يفعل فإن الله فضلا مختصا بالمؤمن وعدلا عاما، وفيه بشارة.