فتول عنهم حتى حين * وأبصرهم فسوف يبصرون * أفبعذابنا يستعجلون * فإذا نزل بساحتهم فسآء صباح المنذرين * وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون * سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين) * اعلم أنه تعالى لما هدد الكفار بقول تعالى: * (فسوف يعلمون) * أي عاقبة كفرهم أردفه بما يقوي قلب الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: * (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون) * فبين أن وعده بنصرته قد تقدم والدليل عليه قوله تعالى: * (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون) * فبين أن وعده بنصرته قد تقدم والدليل عليه قوله تعالى: * (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) * (المجادلة: 21) وأيضا أن الخير مقضى بالذات والشر مقضى بالعرض، وما بالذات أقوى مما بالعرض، وأما لنصرة والغلبة فقد تكون بقوة الحجة، وقد تكون بالدولة والاستيلاء، وقد تكون بالدوام والثبات فالمؤمن وإن صار مغلوبا في بعض الأوقات بسبب ضعف أحوال الدنيا فهو الغالب، ولا يلزم على هذه الآية أن يقال: فقد قتل بعض الأنبياء وقد هزم كثير من المؤمنين ثم قال تعالى لرسوله وقذ أخبره بما تقدم * (فتولى عنهم حتى حين) * والمراد إلى يوم بدر، وقيل إلى فتح مكة، وقيل إلى يوم القيامة، ثم قال: * (وأبصر فسوف يبصرون) * والمعنى بأبصارهم وما يقضي عليهم من القتل والأسر في الدنيا والعذاب في الآخرة، فسوف يبصرونك مع ما قدر لك من النصرة والتأييد في الدنيا والثواب العظيم في الآخرة، والمراد من الأمر المشاهد بأبصارهم على الحال المنتظرة الموعودة الدلالة على أنها كائنة واقعة لا محالة، وأن كينونتها قريبة كأنها قدام ناظريك، وقوله: * (فسوف يبصرون) * للتهديد والوعيد، ثم قال: * (أفبعذابنا يستعجلون) * والمعنى أن الرسول عليه السلام كان يهددهم بالعذاب، وما رأوا شيئا فكانوا يستعجلون نزول ذلك العذاب على سبيل الاستهزاء، فبين تعالى أن ذلك الاستعجال جهل، لأن لكل شيء من أفعال الله تعالى وقتا معينا لا يتقدم ولا يتأخر، فكأن طلب حدوثه قبل مجيء ذلك الوقت جهلا، ثم قال تعالى: في صفة العذاب الذي يستعجلونه * (فإذا نزل بساحتهم) * أي هذا العذاب * (فساء صباح المنذرين) * وإنما وقع
(١٧٢)