وجوه أحدها: * (ما بين أيديكم) * الآخرة فإنهم مستقبلون لها * (وما خلفكم) * الدنيا فإنهم تاركون لها وثانيها: * (وما بين أيديكم) * من أنواع العذاب مثل الغرق والحرق، وغيرهما المدلول عليه بقوله تعالى: * (وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون) * (يس: 43) وما خلفكم من الموت الطالب لكم إن نجوتم من هذه الأشياء فلا نجاة لكم منه يدل عليه قوله تعالى: * (ومتاعا إلى حين) * (يس: 44) وثالثها: ما بين أيديكم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم فإنه حاضر عندكم وما خلفكم من أمر الحشر فإنكم إذا اتقيتم تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم والتكذيب بالحشر رحمكم الله وقوله تعالى: * (لعلكم ترحمون) * مع أن الرحمة واجبة، فيه وجوه ذكرناها مرارا ونزيد ههنا وجها آخر وهو أنه تعالى لما قال: * (اتقوا) * بمعنى أنكم إن لم تقطعوا بناء على البراهين فاتقوا احتياطا قال: * (لعلكم ترحمون) * يعني أرباب اليقين يرحمون جزما وأرباب الاحتياط يرجى أن يرحموا، والحق ما ذكرنا من وجهين أحدهما: اتقوا راجين الرحمة فإن الله لا يجب عليه شيء وثانيهما: هو أن الاتقاء نظرا إليه أمر يفيد الظن بالرحمة فإن كان يقطع به أحد لأمر من خارج فذلك لا يمنع الرجاء فإن الملك إذا كان في قلبه أن يعطي من يخدمه أكثر من أجرته أضعافا مضاعفة لكن الخدمة لا تقتضي ذلك، يصح منه أن يقول افعل كذا ولا يبعد أن يصل إليك أجرتك أكثر مما تستحق. ثم قال تعالى:
* (وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) * وهذا متعلق بما تقدم من قوله تعالى: * (يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا بيه يستهزءون) * (يس: 30) * (وما تأتيهم من رية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) * يعني إذا جاءتهم الرسل كذبوهم فإذا أتوا بالآيات أعرضوا عنها وما التفتوا إليها وقوله: * (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون) * إلى قوله: * (لعلكم ترحمون) * (يس: 31 - - - - 45) وكان فيه تقدير أعرضوا قال ليس إعراضهم مقتصرا على ذلك بل هم على كل آية معرضون أو يقال إذا قيل لهم اتقوا اقترحوا آيات مثل إنزال الملك وغيره فقال: * (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) * وعلى هذا كانوا في المعنى يكون زائدا معناه إلا يعرضون عنها أي لا ينفعهم الآيات من كذب بالبعض هان عليه التكذيب بالكل. وقوله تعالى:
* (وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين ءامنوا أنطعم من