حدوث التسبيح من الجبال شيئا بعد شيء وحالا بعد حال وكان السامع حاضر تلك الجبال يسمعها تسبح.
والبحث الثالث: قال الزجاج يقال شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا أضاءت وقيل هما بمعنى، والأول أكثر تقول العرب شرقت الشمس والماء يشرق.
والبحث الرابع: احتجوا على شرعية صلاة الضحى بهذه الآية، عن أم هانئ قالت: " دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بوضوء فتوضأ ثم صلى صلاة الضحى، وقال: يا أم هانئ هذه صلاة الإشراق " وعن طاووس عن ابن عباس قال: " هل تجدون ذكر صلاة الضحى في القرآن؟ قالوا لا، فقرأ إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق " وقال كان يصليها داود عليه السلام وقال لم يزل في نفسي شيء من صلاة الضحى حتى وجدتها في قوله: * (يسبحن بالعشي والإشراق) *.
الصفة السادسة: من صفات داود عليه السلام وقوله تعالى: * (والطير محشورة كل له أواب) * وفيه مباحث:
البحث الأول: قوله: * (والطير) * معطوفة على الجبال والتقدير وسخرنا الطير محشورة، قال ابن عباس رضي الله عنهما كان داود إذا سبح جاوبته الجبال واجتمعت إليه الطير فسبحت معه، واجتماعها إليه هو حشرها فيكون على هذا التقدير حاشرها هو الله * (فإن قيل) * كيف يصدر تسبيح الله عن الطير مع أنه لا عقل لها، قلنا لا يبعد أن يقال إن الله تعالى كان يخلق لها عقلا حتى تعرف الله فتسبحه حينئذ، وكان معجزة لداود عليه السلام.
البحث الثاني: قال صاحب " الكشاف " قوله: * (محشورة) * في مقابلة * (يسبحن) * إلا أنه ليس في الحشر مثل ما كان في التسبيح من إرادة الدلالة على الحدوث شيئا بعد شيء، فلا جرم جيء به اسما لا فعلا، وذلك أنه قال لو قيل وسخرنا الطير محشورة يسبحن على تقدير أن الحشر وجد من حاشرها جملة واحدة دل على القدر المذكور والله أعلم.
البحث الثالث: قرىء * (والطير محشورة) * بالرفع.
الصفة السابقة: من صفات داود عليه السلام، قوله تعالى: * (كل له أواب) * ومعناه كل واحد من الجبال والطير أواب أي رجاع، أي كلما رجع داود إلى التسبيح جاوبته، فهذه الأشياء أيضا كانت ترجع إلى تسبيحاتها، والفرق بين هذه الصفة وبين ما قلبها أن فيما سبق علمنا أن الجبال والطير سبحت مع تسبيح داود عليه السلام، وبهذا اللفظ فهمنا دوام تلك الموافقة وقيل الضمير في قوله: * (كل له أواب) * لله تعالى أي كل من داود والجبال والطير لله أواب أي مسبح مرجع للتسبيح.
الصفة الثامنة: قوله تعالى: * (وشددنا ملكه) * أي قويناه وقال تعالى: * (سنشد عضدك