القرآن ليست لأجل رعاية هذه التكاليف، بل لأجل قوة المعاني وجزالة الألفاظ. واعلم أنه لما عابهم على عبادة غير الله صرح بالتوحيد ونفى الشركاء، فقال: * (الله ربكم ورب آبائكم الأولين) * وفيه مباحث.
الأول: أنا ذكرنا في هذا الكتاب أن حدوث الأشخاص البشرية كيف يدل على وجود الصانع المختار، وكيف يدل على وحدته وبراءته عن الأضداد والأنداد، فلا فائدة في الإعادة.
البحث الثاني: قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم * (الله ربكم ورب آبائكم) * كلها بالنصب على البدل من قوله: * (أحسن الخالقين) * والباقون بالرفع على الاستئناف، والأول اختيار أبي حاتم وأبي عبيد، ونقل صاحب " الكشاف " أن حمزة إذا وصل نصب، وإذا وقف رفع، ولما حكى الله عنه أنه قرر مع قومه التوحيد قال: * (فكذبوه فإنهم لمحضرون) * أي لمحضرون النار غدا، وقد ذكرنا الكلام فيه عند قوله: * (لكنت من المحضرين) * (الصافات: 57) ثم قال تعالى: * (إلا عباد الله المخلصين) * وذلك لأن قومه ما كذبوه بكليتهم، بل كان فيهم من قبل ذلك التوحيد فلهذا قال تعالى: * (إلا عباد الله المخلصين) * يعني الذين أتوا بالتوحيد الخالص فإنهم لا يحضرون ثم قال: * (وتركنا عليه في الآخرين * سلاك على إل ياسين) * قرأ نافع وابن عامر ويعبوب (آل ياسين) على إضافة لفظ آل إلى لفظ ياسين والباقون بكسر الألف وجزم اللام موصولة بياسين، أما القراءة الأولى ففيها وجوه الأول: وهو الأقرب أنا ذكرنا أنه إلياس بن ياسين فكان إلياس آل ياسين الثاني: (آل ياسين) آل محمد صلى الله عليه وسلم والثالث: أن ياسين اسم القرآن، كأنه قيل سلام الله على من آمن بكتاب الله الذي هو ياسين، والوجه هو الأول لأنه أليق بسياق الكلام، وأما القراءة الثانية ففيها وجوه الأول: قال الزجاج يقال ميكال وميكائيل وميكالين، فكذا ههنا إلياس وإلياسين والثاني: قال الفراء هو جمع وأراد به إلياس وأتباعه من المؤمنين، كقولهم المهلبون والسعدون قال: أنا ابن سعد أكرم السعدينا ثم قال تعالى: * (إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين) * وقد سبق تفسيره والله أعلم.
قوله تعالى * (وإن لوطا لمن المرسلين * إذ نجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا فى الغابرين * ثم دمرنا الاخرين * وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وباليل أفلا تعقلون) *