وأما القسم الثاني: وهو دفع الضرر فهو المراد من قوله: * (ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم) * وفيه قولان: قيل إنه الغرق، أغرق الله فرعون وقومه، ونجى الله بني إسرائيل، وقيل الرماد أنه تعالى نجاهم من إيذاء فرعون حيث كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم.
واعلم أنه تعالى لما ذكر أنه من على موسى وهارون، فصل أقسام تلك المنة. والهاء في قوله: * (ونصرناهم) * أي نصرنا موسى وهارون وقومهما: * (وكانوا هم الغالبين) * في كل الأحوال بظهور الحجة وفي آخر الأمر بالدورة والرفعة وثانيهما: قوله تعالى: * (وآتيناهما الكتاب المستبين) * والمراد منه التوراة، وهو الكتاب المشتمل على جميع العلوم التي يحتاج إليها في مصالح الدين والدنيا، كما قال: * (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) * (المائدة: 44)، وثالثها: قوله تعالى: * (وهديناهما الصراط المستقيم) * أي دللناهما على طريق الحق عقلا وسمعا، وأمددناهما بالتوفيق والعصمة، وتشبيه الدلائل الحقة بالطريق المستقيم واضح ورابعها: قوله تعالى: * (وتركنا عليهما في الآخرين) * وفيه قولان الأول: أن المراد * (وتركنا عليهما في الآخرين) * وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم قولهم: * (سلام على موسى وهارون) * والثاني: أن المراد * (وتركنا عليهما في الآخرين) * وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الثناء الحسن والذكر الجميل، وعلى هذا التقدير فقوله بعد ذلك: * (سلام على موسى وهارون) * هو كلام الله تعالى، ولما ذكر تعالى هذه الأقسام الأربعة من أبواب التعظيم والتفضيل قال: * (إنا كذلك نجزي المحسنين) * وقد سبق تفسيره، ثم قال تعالى: * (إنما من عبادنا المؤمنين) * والمقصود التنبيه، على أن الفضيلة الحاصلة بسبب الإيمان أشرف وأعلى وأكمل من كل الفضائل، ولولا ذلك لما حسن ختم فضائل موسى وهارون بكونهما من المؤمنين، والله أعلم.
قوله تعالى * (وإن إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب ءابآئكم الاولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله المخلصين * وتركنا عليه فى الاخرين * سلام على إل ياسين * إنا كذلك نجزى المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين) *