ثم قال تعالى: * (وهو سقيم) * قيل: المراد أنه بلي لحمه وصار ضعيفا كالطفل المولود كالفرخ الممعط الذي ليس عليه ريش، وقال: مجاهد سقيم أي: سليب.
ثم قال تعالى: * (وأنبتنا عليه شجرة من يقطين) * ظاهر اللفظ يدل على أن الحوت لما نبذه في العراء فالله تعالى أنبت عليه شجرة من يقطين وذلك المعجز له، قال: المبرد والزجاج كل شجر لا يقوم على ساق وإنما يمتد على وجه الأرض فهو يقطين، نحو الدباء والحنظل والبطيخ، قال: الزجاج أحسب اشتقاقها من قطن بالمكان إذا أقام به وهذا الشجر ورقة كله على وجه الأرض فلذلك قيل له اليقطين، روي الفراء أنه قيل عند ابن عباس هو ورق القرع، فقال: ومن جعل القرع من بين الشجر يقطينا كل ورقة اتسعت وسترت فهي يقطين، قال: الواحدي رحمه الله والآية تقتضي شيئين لم يذكرهما المفسرون أحدهما: أن هذا اليقطين لم يكن قبل فأنبته الله لأجله والآخر: أن اليقطين كان معروشا ليحصل له ظل، لأنه لو كان منبسطا على الأرض لم يمكن أن يستظل به.
ثم قال تعالى: * (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) * وفيه مباحث:
الأول: يحتمل أن يكون المراد وأرسلناه قبل أن يلتقمه الحوت وعلى هذا الإرسال وإن ذكر بعد الالتقام، فالمراد به التقديم والواو معناها الجمع، ويحتمل أن يكون المراد به الإرسال بعد الالتقام، عن ابن عباس رضي الله تهما أنه قال: كانت رسالة يونس عليه السلام بعد ما نبذه الحوت، وعلى هذا التقدير يجوز أن يكون أرسل إلى قوم آخرين سوى القوم الأول، ويجوز أن يكون أرسل إلى الأولين ثانيا بشريعة فآمنوا بها.
البحث الثاني: ظاهر قوله: * (أو يزيدون) * يوجب الشك وذلك على الله تعالى محال ونظيره قوله تعالى: * (عذرا أو نذرا) * (المرسلات: 6) وقوله تعالى: * (لعله يتذكر أو يخشى) * (طه: 44) وقوله تعالى: * (لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا) * (طه: 113) وقوله تعالى: * (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب) * (النحل: 77) وقوله تعالى: * (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب) * (النحل: 77) وقوله تعالى: * (فكان قاب قوسين أو أدنى) * (النجم: 9) وأجابوا عنه من وجوه كثيرة والأصح منها وجه واحد وهو أن يكون المعنى أو يزيدون في تقديركم بمعنى أنهم إذا رآهم الرائي قال: هؤلاء مائة ألف أو يزيدون على المائة، وهذا هو الجواب عن كل ما يشبه هذا.
ثم قال تعالى: * (فآمنوا فمتعناهم إلى حين) * والمعنى: أن أولئك الأقوام لما آمنوا أزال الله الخوف عنهم وآمنهم من العذاب ومتعهم الله إلى حين، أي: إلى الوقت الذي جعله الله أجلا لكل واحد منهم.
قوله تعالى * (فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون *