قدرة الصانع وعلمه وحكمته، ثم أتبعه بأن أمره بالشكر ونهاه ع ن الكفر ثم بين أحواله بعد الموت بقوله: * (ثم إلى ربكم مرجعكم) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: المشبهة تمسكوا بلفظ إلى علم أن إله العالم في جهة وقد أجبنا عنه مرارا.
المسألة الثانية: زعم القوم أن هذه الأرواح كانت قبل الأجساد وتمسكوا بلفظ الرجوع الموجود في هذه الآية وفي سائر الآيات.
المسألة الثالثة: دلت هذه الآية على إثبات البعث والقيامة.
ثم قال: * (فينبئكم بما كنتم تعملون) * وهذا تهديد للعاصي وبشارة للمطيع، وقوله تعالى: * (إنه عليم بذات الصدور) * كالعلة لما سبق، يعني أنه يمكنه أن ينبئكم بأعمالكم، لأنه عالم بجميع المعلومات، فيعلم ما في قلوبكم من الدواعي والصوارف، وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أقوالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ".
* (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسى ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار * أمن هو قانت ءانآء اليل ساجدا وقآئما يحذر الاخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب) * اعلم أن الله تعالى لما بين فساد القول بالشرك وبين أن الله تعالى هو الذي يجب أن يعبد، بين في هذه الآية أن طريقة هؤلاء الكفار الذين يعبدون الأصنام متناقضة وذلك لأنهم إذا مسهم نوع من أنواع الضر لم يرجعوا في طلب دفعه إلا إلى الله، وإذا زال ذلك الضر عنهم رجعوا إلى عبادة الأصنام ومعلوم أنهم إنما رجعوا إلى الله تعالى عند حصول الضر، لأنه هو القادر على إيصال الخير ودفع الضر، وإذا عرفوا أن الأمر كذلك في بعض الأحوال كان الواجب عليهم أن يعترفوا