لا يذهب عقولهم أي لا يسكرون يقال نزف الرجل فهو منزوف ونزيف، والمعنى ليس فيها قط نوع من أنواع الفساد التي تكون في شرب الخمر من صداع أو خمار أو عربدة ولا هم يسكرون أيضا، وخصه بالذكر لأنه أعظم المفاسد في شرب الخمر، ولما ذكر الله تعالى صفة مشروبهم ذكر عقيبه صفة منكوحهم من ثلاثة أوجه الأول: قوله: * (وعندهم قاصرات الطرف) * ومعنى القصر في اللغة الحبس ومنه قوله تعالى: * (حور مقصورات في الخيام) * (الرحمن: 72) والمعنى أنهن يحبسن نظرهن ولا ينظرن إلى غير أزواجهن.
الصفة الثانية: قوله تعالى: * (عين) * قال الزجاج: كبار الأعين حسانها واحدها عيناء.
الصفة الثالثة: قوله تعالى: * (كأنهن بيض مكنون) * المكنون في اللغة المستور يقال كننت الشيء وأكنته، ومعنى هذا التشبيه أن ظاهر البيض بياض يشوبه قليل من الصفرة، فإذا كان مكنونا كان مصونا عن الغبرة والقترة، فكان هذا اللون في غاية الحسن والعرب كانوا يسمون النساء بيضات الخدور.
ولما تمم الله صفات أهل الجنة قال: * (فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) * فإن قيل على أي شيء عطف قوله: * (فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) *؟ قلنا على قوله: * (يطاف عليهم) * والمعنى يشربون ويتحادثون على الشراء قال الشاعر:
وما بقيت من اللذات إلا * محادثة الكرام على المدام والمعنى فيقبل بعضهم على بعض يتساءلون عما جرى لهم وعليهم في الدنيا.
قوله تعالى * (قال قآئل منهم إنى كان لى قرين * يقول أءنك لمن المصدقين * أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمدينون * قال هل أنتم مطلعون * فاطلع فرءاه فى سوآء الجحيم * قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربى لكنت من المحضرين * أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين * إن هذا لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى كما ذكر في أهل الجنة أنهم يتساءلون عند الاجتماع على