سورة ص ثمانون وثمان آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم * (ص والقرءان ذى الذكر * بل الذين كفروا فى عزة وشقاق * كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الكلام المستقصى في أمثال هذه الفواتح مذكور في أول سورة البقرة ولا بأس بإعادة بعض الوجوه فالأول: أنه مفتاح أسماء الله تعالى التي أولها صاد، كقولنا صادق الوعد، صانع المصنوعات، صمد والثاني: معناه صدق محمد في كل ما أخبر به عن الله الثالث: معناه صد الكفار عن قبول هذا الدين، كما قال تعالى: * (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) * (النحل: 88) الرابع: معناه أن القرآن مركب من هذه الحروف وأنتم قادرون عليها ولستم قادرين على معارضة القرآن، فدل ذلك على أن القرآن معجز الخامس: أن يكون صاد بكسر الدال من المصادة وهي المعارضة ومنها الصدى وهو ما يعارض صوتك في الأماكن الخالية من الأجسام الصلبة، ومعناه عارض القرآن بعملك فاعلم بأوامره وانته عن نواهيه السادس: أنه اسم السورة والتقدير هذه صاد، فإن قيل ههنا إشكالان أحدهما: أن قوله: * (والقرآن ذي الذكر) * قسم وأين المقسم عليه؟ والثاني: أن كلمة (بل) تقتضي رفع حكم ثبت قلبها، وإثبات حكم بعدها يناقض الحكم السابق، فأين هذا المعنى ههنا؟ والجواب: عن الأول من وجوه الأول: أن يكون معنى صاد، بمعنى صدق محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون صاد هو المقسم عليه، وقوله: * (والقرآن ذي الذكر) * هو القسم الثاني: أن يكون المقسم عليه محذوفا، والتقدير سورة (ص والقرآن ذي الذكر) أنه لكلام معجز، لأنا بينا أن قوله * (ص) * تنبيه على التحدي والثالث: أن يكون صاد اسما للسورة، ويكون التقدير هذه ص والقرآن ذي الذكر، ولما كان المشهور، أن محمدا عليه السلام يدعي في هذه السورة كونها معجزة، كان قوله هذه ص جاريا مجرى قوله: هذه هي السورة العجزة، ونظيره قوله هذا حاتم والله، أي هذا هو المشهور