الله، وما سوى هذين القسمين من الأعمال والمعارف فكالعبث والباطل، فقوله: * (أولي الأيدي والأبصار) * إشارة إلى هاتين الحالتين. ثم قال تعالى: * (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قوله: * (بخالصة) * قرىء بالتنوين والإضافة فمن نون كان التقدير أخلصناهم أي جعلناهم خالصين لنا بسبب خالصة لا شوب فيها وهي ذكرى الدار، ومن قرأ بالإضافة فالمعنى بما خلص من ذكرى الدار، يعني أن ذكرى الدار قد تكون لله وقد تكون لغير الله، فالمعنى إنا أخلصناهم بسبب ما خلص من هذا الذكر.
المسألة الثانية: في ذكرى الدار وجوه الأولى: المراد أنهم استغرقوا في ذكرى الدار الآخرة وبلغوا في هذا الذكر إلى حيث نسوا الدنيا الثاني: المراد حصول الذكر الجليل الرفيع لهم في الدار الآخرة الثالث: المراد أنه تعالى أبقى لهم الذكر الجميل في الدنيا وقبل دعاءهم في قوله: * (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) * (الشعراء: 84).
ثم قال تعالى: * (وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) * أي المختارين من أبناء جنسهم والأخيار جمع خير أو خير على التخفيف كأموات في جمع ميت أو ميت، واحتج العلماء بهذه الآية في إثبات عصمة الأنبياء قالوا لأنه تعالى حكم عليهم بكونهم أخيارا على الإطلاق، وهذا يعم حصول الخيرية في جميع الأفعال والصفات بدليل صحة الاستثناء وبدليل دفع الإجمال. ثم قال: * (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار) * وهم قوم آخرون من الأنبياء تحملوا الشدائد في دين الله، وقد ذكرنا الكلام في شرح هذه الأسماء وفي صفات هؤلاء الأنبياء في سورة الأنبياء وفي سورة الأنعام، فلا فائدة في الإعادة، وههنا آخر الكلام في قصص الأنبياء في هذه السورة.
* (هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب * جنات عدن مفتحة لهم الابواب * متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب * وعندهم قاصرات الطرف أتراب * هذا ما توعدون ليوم الحساب *