لسان الصوفية فهاتان المرتبتان هما المرادتان بقوله: * (ثم اهتدى) *.
المسألة العاشرة: منهم من قال: تجب التوبة عن الكفر أولا ثم الإتيان بالإيمان ثانيا واحتج عليه بهذه الآية فإنه تعالى قدم التوبة على الإيمان، واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن العمل الصالح غير داخل في الإيمان لأنه تعالى عطف العمل الصالح على الإيمان والمعطوف مغاير للمعطوف عليه.
قوله تعالى * (ومآ أعجلك عن قومك ياموسى * قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك رب لترضى) * اعلم أن في قوله: * (وما أعجلك عن قومك يا موسى) * دلالة على أنه قد تقدم قومه في المسير إلى المكان ويجب أن يكون المراد ما نبه عليه في قوله تعالى: * (وواعدناكم جانب الطور الأيمن) * (طه: 80) في هذه السورة، وفي سائر السور كقوله: * (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) * (الأعراف: 142) يريد الميقات عند الطور وعلى الآية سؤالات:
السؤال الأول: قوله: * (وما أعجلك) * استفهام وهو على الله محال. الجواب أنه إنكار في صيغة الاستفهام ولا امتناع فيه.
السؤال الثاني: أن موسى عليه السلام لا يخلو إما أن يقال إنه كان ممنوعا عن ذلك التقدم أو لم يكن ممنوعا عنه، فإن كان ممنوعا كان ذلك التقدم معصية فيلزم وقوع المعصية من الأنبياء، وإن قلنا إنه ما كان ممنوعا كان ذلك الإنكار غير جائز من الله تعالى. والجواب: لعله عليه السلام ما وجد نصا في ذلك إلا أنه باجتهاده تقدم فأخطأ في ذلك الاجتهاد فاستوجب العتاب.
السؤال الثالث: قال: * (وعجلت) * والعجلة مذمومة. والجواب: إنها ممدوحة في الدين. قال تعالى: * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة) * (آل عمران: 133).
السؤال الرابع: قوله: * (لترضى) * يدل على أنه عليه السلام إنما فعل ذلك لتحصيل الرضا لله تعالى وذلك باطل من وجهين. أحدهما: أنه يلزم تجدد صفة الله تعالى، والآخر أنه تعالى قبل حصول ذلك الرضا وجب أن يقال: إنه تعالى ما كان راضيا عن موسى لأن تحصيل الحاصل محال، ولما لم يكن راضيا عنه وجب أن يكون ساخطا عليه، وذلك لا يليق بحال الأنبياء عليهم السلام. الجواب: المراد تحصيل دوام الرضا كما أن قوله: * (ثم اهتدى) * المراد دوام الاهتداء.
السؤال الخامس: قوله: * (وعجلت إليك) * يدل على أنه ذهب إلى الميعاد قبل الوقت الذي