وذو النون، محمد وأحمد.
وأما قوله تعالى: * (كل من الصابرين) * أي على القيام بأمر الله تعالى واحتمال الأذى في نصرة دينه. وقوله: * (وأدخلناهم في رحمتنا) * قال مقاتل: الرحمة النبوة، وقال آخرون بل يتناول جميع أعمال البر والخير. (القصة الثامنة، قصة يونس عليه السلام) قوله تعالى * (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين) * اعلم أن هنها مسائل:
المسألة الأولى: أنه لا خلاف في أن ذا النون هو يونس عليه السلام لأن النون هو السمكة، وقد ذكرنا أن الاسم إذا دار بين أن يكون لقبا محضا وبين أن يكون مفيدا، فحمله على المفيد أولى، خصوصا إذا علمت الفائدة التي يصلح لها ذلك الوصف.
المسألة الثانية: اختلفوا في أن وقوعه عليه السلام في بطن السمكة كان قبل اشتغاله بأداء رسالة الله تعالى أو بعده. أما القول الأول: فقال ابن عباس رضي الله عنه: كان يونس عليه السلام وقومه يسكنون فلسطين، فغزاهم ملك وسبى منهم تسعة أسباط ونصفا، وبقي سبطان ونصف. فأوحى الله تعالى إلى شعيب النبي عليه السلام أن اذهب إلى حزقيل الملك وقل له حتى يوجه نبيا قويا أمينا فإني ألقى في قلوب أولئك أن يرسلوا معه بني إسرائيل. فقال له الملك: فمن ترى وكان في مملكته خمسة من الأنبياء، فقال يونس بن متى: فإنه قوي أمين فدعا الملك بيونس وأمره أن يخرج فقال يونس: هل أمرك الله بإخراجي؟ قال: لا، قال فهل سماني لك؟ قال: لا قال فههنا أنبياء غيري، فألحوا عليه فخرج مغاضبا للملك ولقومه فأتى بحر الروم فوجد قوما هيأوا سفينة فركب معهم فلما تلججت السفينة تكفأت بهم وكادوا أن يغرقوا، فقال الملاحون: ههنا رجل عاص أو عبد آبق لأن السفينة لا تفعل هذا من غير ريح إلا وفيها رجل عاص، ومن رسمنا أنا إذا ابتلينا بمثل هذا البلاء أن نقترع فمن وقعت عليه القرعة ألقيناه في البحر، ولأن يغرق (و) أحد خير من أن تغرق السفينة، فاقترعوا ثلاث مرات فوقعت القرعة فيها كلها على يونس عليه السلام، فقال: أنا