يمين من انطلق من مصر إلى الشام وقرئ الأيمن بالجر على الجوار نحو حجر ضب خرب وانتفاع القوم بذلك إما لأن الله تعالى أنزل التوراة عليهم وفيها شرح دينهم، وإما لأن الله تعالى لما كلم موسى على الطور حصل للقوم بسبب ذلك شرف عظيم.
المسألة الرابعة: قوله: * (كلوا) * ليس أمر إيجاب بل أمر إباحة كقوله: * (وإذا حللتم فاصطادوا) * (المائدة: 2).
المسألة الخامسة: في الطيبات قولان: أحدهما: اللذائذ لأن المن والسلوى من لذائذ الأطعمة. والثاني: وهو قول الكلبي ومقاتل الحلال لأنه شيء أنزله الله تعالى إليهم ولم تمسه يد الآدميين ويجوز الجمع بين الوجهين لأن بين المعنيين معنى مشتركا. وتمام القول في هذه القصة تقدم في سورة البقرة.
المسألة السادسة: في قوله تعالى: * (ولا تطغوا) * فيه وجوه. أحدها: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تطغوا، أي لا يظلم بعضكم بعضا فيأخذه من صاحبه. وثانيها: قال مقاتل والضحاك: لا تظلموا فيه أنفسكم بأن تتجاوزوا حد الإباحة. وثالثها: قال الكلبي: لا تكفروا النعمة أي لا تستعينوا بنعمتي على مخالفتي ولا تعرضوا على الشكر ولا تعدلوا عن الحلال إلى الحرام.
المسألة السابعة: قرأ الأعمش والكسائي فيحل ومن يحلل كلاهما بالضم وروى الأعمش عن أصحاب عبد الله فيحل بالكسر ومن يحلل بالرفع وقراءة العامة بالكسر في الكلمتين أما من كسر فمعناه الوجوب من حل الدين يحل إذا وجب أداؤه ومنه قوله تعالى: * (حتى يبلغ الهدي محله) * (البقرة: 196) والمضموم في معنى النزول وقوله: * (فقد هوى) * أي شقي وقيل فقد وقع في الهاوية، يقال: هوى يهوي هويا إذا سقط من علو إلى أسفل. المسألة الثامنة: اعلم أن الله تعالى وصف نفسه بكونه غافرا وغفورا وغفارا، وبأن له غفرانا ومغفرة وعبر عنه بلفظ الماضي والمستقبل والأمر. أما إنه وصف نفسه بكونه غافرا فقوله: * (غافر الذنب) * (غافر: 3) وأما كونه غفورا فقوله: * (وربك الغفور ذو الرحمة) * (الكهف: 58) وأما كونه غفارا فقوله: * (وإني لغفار لمن تاب) * وأما الغفران فقوله: * (غفرانك ربنا) * (البقرة: 285) وأما المغفرة فقوله: * (وإن ربك لذو مغفرة للناس) * (الرعد: 6) وأما صيغة الماضي فقوله: في حق داود عليه السلام * (فغفرنا له ذلك) * (ص: 25) وأما صيغة المستقبل فقوله: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * (النساء: 48) وقوله: * (إن الله يغفر الذنوب جميعا) * (الزمر: 53) وقوله في حق محمد صلى الله عليه وسلم: * (ليغفر لك الله) * (الفتح: 2) وأما لفظ الاستغفار فقوله: * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) * (محمد: 19) وفي حق نوح عليه السلام: * (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا) * (نوح: 10) وفي الملائكة: * (ويستغفرون لمن في الأرض) * (الشورى: 5) واعلم أن الأنبياء عليهم السلام كلهم طلبوا المغفرة أما آدم عليه السلام فقال: * (وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) * (الأعراف: 23)، وأما نوح عليه السلام فقال: * (وإلا تغفر لي وترحمني) * (هود: 47)، وأما إبراهيم عليه السلام فقال: * (والذي أطمع