أبدا يكون عدوا للشاب العالم. وثالثها: أن إبليس مخلوق من النار وآدم مخلوق من الماء والتراب فبين أصليهما عداوة فبقيت تلك العداوة.
السؤال الثاني: لم قال: * (فلا يخرجنكما من الجنة) * مع أن المخرج لهما من الجنة هو الله تعالى. الجواب: لما كان بوسوسته هو الذي فعل ما ترتب عليه الخروج صح ذلك.
السؤال الثالث: لم أسند إلى آدم وحده فعل الشقاء دون حواء مع اشتراكهما في الفعل. الجواب من وجهين: أحدهما: أن في ضمن شقاء الرجل وهو قيم أهله وأميرهم شقاءهم كما أن في ضمن سعادته سعادتهم فاختص الكلام بإسناده إليه دونها مع المحافظة على رعاية الفاصلة. الثاني: أريد بالشقاء التعب في طلب القوت وذلك على الرجل دون المرأة، وروي أنه أهبط إلى آدم ثور أحمر وكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه أما قوله: * (ألا أن لا تجوع فيها ولا تعرى، وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: قرىء وإنك بالفتح والكسر ووجه الفتح العطف على أن لا تجوع فيها، فإن قيل: أن لا تدخل على أن فلا يقال أن أن زيدا منطلق والواو نائبة عن أن وقائمة مقامها فلم أدخلت عليها؟ قلنا: الواو لم توضع لتكون أبدا نائبة عن أن، إنما هي نائبة عن كل عامل، فلما لم تكن حرفا موضوعا للتحقيق خاصة كان لم يمتنع اجتماعهما كما امتنع اجتماع أن وأن.
المسألة الثانية: الشبع والري والكسوة والإكتنان في الظل هي الأقطاب التي يدور عليها أمر الإنسان. فذكر الله تعالى حصول هذه الأشياء له في الجنة من غير حاجة إلى الكسب والطلب وذكرها بلفظ النفي لأضدادها التي هي الجوع والعري والظمأ والضحى ليطرق سمعه شيئا من أصناف الشقوة التي حذره منها حتى يبالغ في الاحتراز عن السبب الذي يوقعه فيها، وهذه الأشياء كلها كأنها تفسير الشقاء المذكور في قوله: * (فتشقى) *.
قوله تعالى * (فوسوس إليه الشيطان قال يا ادم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى * فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى ءادم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) *