بحركة مساوية لحركة الفلك في السرعة والبطء أو مخالفة، وإما أن يكون الفلك متحركا والكوكب ساكنا، أما الرأي الأول فقالت الفلاسفة إنه باطل لأنه يوجب خرق الأفلاك وهو محال، وأما الرأي الثاني فحركة الكواكب إن فرضت مخالفة لحركة الفلك فذاك أيضا يوجب الخرق وإن كانت حركتها إلى جهة الفلك فإن كانت مخالفة لها في السرعة والبطء لزم الانخراق وإن استويا في الجهة والسرعة والبطء فالخرق أيضا لازم لأن الكواكب تتحرك بالعرض بسبب حركة الفلك فتبقى حركته الذاتية زائدة فيلزم الخرق فلم يبق إلا القسم الثالث وهو أن يكون الكوكب مغروزا في الفلك واقفا فيه والفلك يتحرك فيتحرك الكوكب بسبب حركة الفلك، واعلم أن مدار هذا الكلام على امتناع الخرق على الأفلاك وهو باطل بل الحق أن الأقسام الثلاثة ممكنة والله تعالى قادر على كل الممكنات والذي يدل عليه لفظ القرآن أن تكون الأفلاك واقفة والكواكب تكون جارية فيها كما تسبح السمكة في الماء.
المسألة الخامسة: قال صاحب " الكشاف ": * (كل) * التنوين فيه عوض عن المضاف إليه أي كلهم في فلك يسبحون والله أعلم.
المسألة السادسة: احتج أبو علي بن سينا على كون الكواكب أحياء ناطقة بقوله: * (يسبحون) * قال والجمع بالواو والنون لا يكون إلا للعقلاء، وبقوله تعالى: * (والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) * (يوسف: 4)، والجواب: إنما جعل واو الضمير للعقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة قال صاحب " الكشاف ": فإن قلت الجملة ما محلها قلت النصب على الحال من الشمس والقمر أو لا محل لها لاستئنافها، فإن قلت: لكل واحد من القمرين فلك على حدة فكيف قيل جميعهم يسبحون في فلك؟ قلت: هذا كقولهم كساهم الأمير حلة وقلدهم سيفا أي كل واحد منهم.
قوله تعالى * (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون * كل نفس ذآئقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون * وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذى يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون) *