وهو الجبل الذي يتحصن به لأن الملك يعتصم برأيه في رعيته ويفوض إليه أموره أو من الموازرة وهي المعاونة، والموازرة مأخوذة من إزار الرجل وهو الموضع الذي يشده الرجل إذا استعد لعمل أمر صعب قاله الأصمعي وكان القياس أزيرا فقلبت الهمزة إلى الواو.
المسألة الثانية: قال عليه السلام: " إذا أراد الله بملك خيرا قيض له وزيرا صالحا إن نسي ذكره وإن نوى خيرا أعانه وإن أراد شرا كفه " وكان أنوشروان يقول: لا يستغني أجود السيوف عن الصقل، ولا أكرم الدواب عن السوط، ولا أعلم الملوك عن الوزير.
المسألة الثالثة: إن قيل الاستعانة بالوزير إنما يحتاج إليها الملوك أما الرسول المكلف بتبليغ الرسالة والوحي من الله تعالى إلى قوم على التعيين فمن أين ينفعه الوزير؟ وأيضا فإنه عليه السلام سأل ربه أن يجعله شريكا له في النبوة فقال: * (وأشركه في أمري) * فكيف يكون وزيرا. والجواب: عن الأول أن التعاون على الأمر والتظاهر عليه مع مخالصة الود وزوال التهمة له مزية عظيمة في تأثير الدعاء إلى الله تعالى فكان موسى عليه السلام واثقا بأخيه هارون فسأل ربه أن يشد به أزره حتى يتحمل عنه ما يمكن من الثقل في الإبلاغ.
المطلوب الخامس: أن يكون ذلك الوزير من أهله أي من أقاربه.
المطلوب السادس: أن يكون الوزير الذي من أهله هو أخوه هارون وإنما سأل ذلك لوجهين. أحدهما: أن التعاون على الدين منقبة عظيمة فأراد أن لا تحصل هذه الدرجة إلا لأهله، أو لأن كل واحد منهما كان في غاية المحبة لصاحبه والموافقة له، وقوله هارون في انتصابه وجهان. أحدهما: أنه مفعول الجعل على تقدير اجعل هارون أخي وزيرا لي. والثاني: على البدل من وزيرا وأخي نعت لهارون أو بدل، واعلم أن هارون عليه السلام كان مخصوصا بأمور منها الفصاحة لقوله تعالى عن موسى: * (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا) * (القصص: 34) ومنها أنه كان فيه رفق قال: * (يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) * (طه: 94) ومنها أنه كان أكبر سنا منه.
المطلوب السابع: قوله: أشدد به أزري وفيه مسائل:
المسألة الأولى: القراءة العامة: * (أشدد به، وأشركه) * على الدعاء وقرأ ابن عامر وحده: * (أشدد، وأشركه) * على الجزاء والجواب، حكاية عن موسى عليه السلام أي أنا أفعل ذلك ويجوز لمن قرأ على لفظ الأمر أن يجعل * (أخي) * مرفوعا على الابتداء * (وأشدد به) * خبره ويوقف على هارون.
المسألة الثانية: الأزر القوة وآزره قواه قال تعالى: * (فآزره) * أي أعانه قال أبو عبيدة * (أزري) * أي ظهري وفي كتاب الخليل: الأزر الظهر.
المسألة الثالثة: أنه عليه السلام لما طلب من الله تعالى أن جعل هارون وزيرا له طلب منه أن يشد به أزره ويجعله ناصرا له لأنه لا اعتماد على القرابة.